صدرت الطبعة الأولى من كتاب "مشكلتان وقراءة فيهما"، من خلال المعهد العالمي للفكر الإسلامي ضمن سلسلة "إسلامية المعرفة" الكتاب رقم (9)، عام 1413ه/ 1992م، حيث تضمن الكتاب مقدمة للمستشار طارق البشري· كان قد قدم بها لتقرير "الأمة في عام" (1991م) والتي يصدرها سنويًا مركز الحضارة للدراسات السياسية (مركز الحضارة للدراسات والبحوث فيما بعد)، تضمنت تحليلا لمشكلتين أو أزمتين، أزمة "نظام الحكم"، و"كارثة الخليج" المتمثلة في الغزو العراقي لدولة الكويت في أغسطس عام 1990م، فقرر د. طه جابر العلواني·· أن ينشر تلك المقدمة في صورة مقالة مع قراءة له فيما تضمنته تلك المقالة من تحليل عميق لهاتين المشكلتين، تحت العنوان المذكور، "مشكلتان وقراءة فيهما".
ومما جاء في تقديم د. العلواني لهذا الكتاب:
وقد دار التحليل حول مشكلتين: "مشكلة الحكم" أو "الجماعة السياسية ومشكلة الحكم"، ومشكلة أو كارثة «الخليج»، وأثر كل منهما في سير الأحداث في ذلك العام في قطر من أهم أقطارنا العربية المسلمة الذي اتخذ موضوعًا للدراسة ألا وهو مصر.
ومع أن المعهد قد اختط لنفسه سياسة استراتيجية ثابتة لا حيدة عنها تتلخص في الإنصراف التام إلى القضايا الفكرية والمنهجية والثقافية، وتعتبر "المشكلتان" عند النظرة الأولى في آخر ما يندرج تحت قضاياه لكن المعالجة المتأنية الحكيمة التي عالج المستشار طارق بها "المشكلتان" جعلت منها معالجة ذات إطار فكري ومنهجي حملنا على أن نحرص على تقديمها نموذجًا لأساليب التناول المتميزة للقضايا الساخنة المشكلة، فالمقدمة أو المقالة تصلح أن تكون منهجًا للباحثين في تناول مثل هذه القضايا، فهي مقالة رصينة جادة تولت معالجة "مشكلتين" من أبرز المشاكل التي انعكست عليها أزمة أمتنا الفكرية المعاصرة، مشكلة "نظام الحكم" و "كارثة الخليج". ولقد بحث المستشار طارق - وفقه الله ونفع به – "المشكلتين"، كما سماهما بحيث جعل منهما نموذجين لأبرز المشاكل التي تبدو الأزمة الفكرية المعاصرة لأمتنا فيها بوضوح، ويبدو في كل منهما ارتباطها بالجذور التاريخية لأزمتنا الفكرية، وارتباط كثير من الأزمات والمشكلات المعاصرة بشبكة من القضايا المتعددة التي يصعب فهمها من غير ربط كل منها بالقضايا المتصلة بها، كما جعل من الظرف أو الزمن (الذي حدده ظرفًا للنظر في المشكلتين وانعكاساتهما فيه) إطارًا زمنيًا يصلح أن يتخذ عينة الدراسة تاريخنا المعاصر على مدى القرنين الأخيرين. كما تناول "الكارثة الخليجية الثانية" التي سماها بالمشكلة الثانية باعتبارها حدثاً مدرسيًا يصلح أن يقدم مثالاً لطلبة العلوم السياسية للدراسة والتحليل المعرفة كيفية تشابك القضايا، وتضارب العلاقات، وقد ربط بالمشكلتين مجموعة من القضايا تكاد تجعل منهما قضيتين تطويان جناحيهما على كم هائل من القضايا الأخرى.
وقد تناول المستشار طارق ذلك - كله - بعقلية ناقدة بصيرة أتيح لها من التجارب والخبرات ما جعلها قادرة على أن تقول في كل منهما قولاً سديدًا يجمع بين الفكر الناقد البصير، والخبرة التاريخية والموازين القانونية الدقيقة. والمستشار طارق هو من الشهود على قرننا هذا فقد خبر يساره ويمينه ووسطه وأطرافه، وتتبع قضاياه وشارك في صياغة بعض طروحاته، فإذا تناول هاتين القضيتين، وفي هذا الإطار فإنه تناول نموذجي يسعد المعهد أن ينشره ويروّج له وللحقيقة أقول: ما رأيت فيما اطلعت عليه من أقوال كثيرة في كارثة الخليج الثانية جاوز ما تجمع منها سبعين مجلدًا لحد الآن -كلمة أوجز وأدق - مع شمول واستيعاب ونصفة مثل هذه الكلمات الوجيزة التي كتبها المستشار طارق في هذه الكارثة.
إن هذه المقالة ستساعد - ولا شك - في إنماء روح المراجعة لدى سائر الأطراف، وعزل المثيرات والمضاعفات التي أحاطت بالأحداث -في حينها-ـ وساعدت على تغبيش الرؤية لدى الكثيرين.
كما أن المقالة لفتت النظر بأسلوب الحكيم السهل الممتنع إلى المواقف المبدئية المتنوعة التي إن لوحظت - مجردة - بعيدًا عن المثيرات والأعراض الجانبية فإنها ستساعد في جعل أسباب الخلاف مفهومة أو قابلة للفهم وتلك خطوة هامة في الاتجاه السليم.
ولذلك فقد سارعت إلى الحديث إليه واقترحت أن تطور المقدمة إلى مقالة مستقلة يتولى المعهد نشرها في هذا الإطار إطار الدراسة النموذجية لمشكلات خطيرة كهذه - وربط هذه المشاكل بالأزمة الفكرية. المعاصرة.
محتويات الكتاب:
المقدمة
- الأزمة الفكرية
- قضايا الأزمة وجذورها التاريخية
- مدرسة المعهد وتناول الأزمة
- مشكلتان نموذج مدرسي
مشكلتان
- نظام الحكم
- الفشل في تحقيق الوحدة
- الاختلاف حول المفاهيم وآثاره
- افتقاد مناخ الحوار
- الفصام في الشرعية الحزبية
- إمكانات ومقومات التصحيح
كارثة الخليج
أولاً: بالنسبة الإمارات الخليج
ثانيًا: بالنسبة للأوضاع العربية
ثالثًا: بالنسبة للجيوش العربية
رابعًا بالنسبة للقوى السياسية العربية
خامسًا: بالنسبة للوجود الأجنبي
قراءة في "مشكلتان"
- انعطاف نحو انعكاسات الأزمة الفكرية المعاصرة
- العقيدة قاعدة الفكر المتينة
- تحديات الأزمة الفكرية قبل كارثة الخليج
- المشكلة الثانية
- الصحوة وحقيقتها
- بين الماضوية والتجديد
- قصور البرامج الثقافية
- الشعوب والكارثة الثانية
- انهيار مفهوم الأمة
- الفئات العلمانية
- فشل منطلقات التغريب الانمائية
- ضرورة المشروع الحضاري الواحد
- الإسلاميون والفصائل الأخرى
- الإسلاميون والمشروع الحضاري
- الإسلاميون والأزمة الفكرية
- مفهوم الأمة
- تفرق الأمة
- الأمة والانحراف السياسي
- تأصيل الانحراف
- الشرق والشرقيون في نظر الأفغاني
- فشل مشاريع الإصلاح
- همسة أخيرة.
رابط مباشر لتحميل الكتاب
* المستشار طارق عبد الفتاح سليم البشري (1 نوفمبر 1933م - 26 فبراير 2021م): هو مفكر ومؤرخ وفقيه وأحد أبرز القانونين المصريين في العصر الحديث. شغل منصب النائب الأول لرئيس مجلس الدولة المصري ورئيسًا للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع عدة سنوات، وترك ذخيرة من الفتاوى والآراء الاستشارية التي تميزت بالعمق والتحليل والتأصيل القانوني الرصين، كما تميزت بإحكام الصياغة القانونية، وما زالت تلك الفتاوى حتى الآن تمثل مرجعًا لكل من الإدارة والقضاة والمشتغلين بالقانون بشكل عام على تفهم الموضوعات المعروضة عليهم، كما ترك العديد من المؤلفات والدراسات والمقالات القيمة.
** طه جابر العلواني (1935 – 2016م)، هو مفكر وفقيه إسلامي عراقي. كان رئيس المجلس الفقهي بأمريكا، ورئيس جامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بهرندن، فرجنيا، الولايات المتحدة الأمريكية. حصل على الدكتوراة في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في القاهرة، مصر، عام 1973م. كان أستاذاً في أصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، المملكة العربية السعودية منذ عام 1975 حتى 1985. في عام 1981 شارك في تأسيس المعهد العالمي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة، كما كان عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي في جدة. هاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1983. وكان رئيس جامعة قرطبة الإسلامية في الولايات المتحدة.