ينشر موقعنا هذا التقرير حصريًا، فلم ينشر من قبل، سواء ورقيًا أم إلكترونيًا، حيث لا تنشر عادة تقارير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا باعتبار أنها أساسًا تأتي ضمن تحضير الدعوى التي ستنظر أمام المحكمة، ويكون رأي الهيئة موجهًا للمحكمة، وهو رأي استشاري قد تأخذ به وقد لا تعتمده وتأخذ برأي مخالف.
وقد أعد هذا التقرير المستشار محمد كمال محفوظ (مفوض المحكمة) في الدعوى الدستورية رقم ۲۰ لسنة ا ق دستورية عليا ( ورقم 7 لسنة ١ ق عليا) المرفوعة من: جامعة الأزهـر ضد كل من:
١- السيد / رئيس الجمهوري بصفته
٢- السيد / رئيس مجلس الوزراء بصفته
3- السيد / رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بصفته
4- السيد / عاطف فواد جودة بصفته وارثًا للمرحوم فواد جودة
وترجع وقائع هذه الدعوى إلى قيام جامعة الأزهر برفع الدعوى الدستورية الراهنة بعريضة أُودعت قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ ٣١ من مايو سنة ۱۹۷۸، أبانت فيها أنه بجلسة ٢٨ من مارس سنة ١٩٧٦ أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمًا في الدعوى رقم 465 لسنة ٢٤ ق يقضي بإلزام المدعي عليهم فيها (وهم وزير الأوقاف ومدير جامعة الأزهر وعميد كلية طب الأزهر بصفاتهم) بأن يدفعوا للمدعي فؤاد جودة مبلغ 592.112 والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع ٤٪ سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 24/2/ 1969 حتى تمام السداد مع إلزامهم بالمصروفات، تأسيسًا على أن المبلخ المحكوم به هو باقي المستحق للمدعي من قيمة آلات جراحية قام بتوريدها لكلية طب جامعة الأزهر.
وقد طعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن جامعة الأزهر في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم ٤٦١ لسنة ٢٢ ق، وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، دفعت جامعة الأزهر بعدم دستورية الفوائد الربوية، فأمرت الدائرة بجلسة ٣ من أبريل سنة ١٩٧٨ بوقف الفصل في الطعن حتى تفصل المحكمة العليا في هذا الدفع الدستورى وحددت ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا.
واستطردت الجامعة تقول أن المادة ٢٢٦ من القانون المدنى تنص على أنه إذا كان محل الالتزام مبلغًا من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزمًا بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها ٤% في السائل المدنية و٥% فى المسائل التجارية، وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها"، وهذه المادة تعتبر غير دستورية. وتؤسس الجامعة الدفع بعدم دستوريتها على عدد من الأسباب، والتي تم سردها في التقرير.
ومما جاء في التقرير أنه في جلسة ١٥ مارس سنة ١٩٧٩م قدم الحاضر عن جامعة الأزهر كتابًا موقعًا من رئيس لجنة الفتوى بالأزهـر (مؤرخًا 7/1/1979) " بشأن الحكم الشرعي عن فوائد التأخير في السائل المدنية التي تقدر فوائدها ٤% وفى المسائل التجارية بفائدة قدرها ٥%، وقد تضمن هذا الكتاب بأن الفتوى أجابت" بأن الفوائد على التأخير لها حكم الربا وهو محوم شرعًا والله تعالى أعلم".
كما قدم كتابًا موقعًا من فضيلة الأستاذ الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بتاريخ 13/3/1979م بشأن استطلاع رأى لجنة الفتوى بالأزهر عن مدى صحة استشهاد السيد محامى الحكومة بالرأي القائل بأنه "من القواعد المقررة في الشريعة تغيير الأحكام بتغيير الزمان، ومثال ذلك الآية الكريمة "أحل الله البيع وحرم الربا"، وقد تضمن هذا الكتاب بأن لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أفادت بأن "هذا الاستشهاد بالآية الكريمة "أحل الله البيع وحرم الربا" على تغيير الأحكام بتغيير الزمان غير صحيح لأنه لم يطرأ على حل البيع حرمة ولا على حرمة الربا حل، والقاعدة نفسها بإطلاقها غير سديدة لأن الأحكام المأخوذة من النصوص الواضحة لا تغيير فيها بتغيير الزمان".
وقد ناقشت هيئة المفوضين في تقريرها الدفوع المختلفة، شكلية وموضوعية، وأصلت لرأيها فأحسنت في ذلك إلى الحد الذي يمكن اعتبار تقريرها مرجعًا علميًا وأكاديميًا للقضاة وللباحثين والمهتمين بالعلاقة بين الشريعة والقانون، لاسيما من المنظورين الشرعي والدستوري.
وعلى الرغم من أن التقرير قد خلص إلى:
- رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبنظرها.
- رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها.
- قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم دستورية نص المادة 226 من القانون المدني.
- إلزام الحكومة بالمصروفات.
إلا أن حكم المحكمة الدستورية العليا (في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية") قد جاء مخالفًا لما انتهى إليه التقرير وحكم بدستورية نص المادة (226) من القانون المدني بشأن الفوائد القانونية، باعتباره كان قد صدر قبل التعديل الدستوري سنة 1980 وليس بعده!
رابط مباشر لتحميل التقرير
رابط مباشر لحكم المحكمة الدستورية العليا في موقعنا