1- انتشار ملك الشقق والطبقات ومزاياه ومشكلاته:
يشهد عصرنا الحاضر انتشارًا واسعًا لتمليك الشقق والطبقات، نتيجة أزمة الإسكان وارتفاع أثمان الأراضي وجسامة تكاليف البناء[1].
والواقع أن هناك مزايا لنظام تمليك الشقق والطبقات تساعد على انتشاره في العصر الحاضر، لعل أهمها الآتي:
(أ) أنه يمكن الكثيرين من تملك المسكن الملائم، فقد أصبح الآن تملك أرض والبناء عليها أمرًا شاقًا على كثير من الناس نظرًا لارتفاع أثمان الأراضي وجسامة تكاليف البناء. وبالتالي ليس هناك خيار أمام الكثيرين سوى أن يتملكوا شقة أو طبقة أو أن يظلوا مستأجرين. ولا شك أن المالك لشقة أو طبقة أحسن حالًا من مستأجرها، لأن الأجرة التي سيدفعها طوال عمره سيدفع منها ثمن الشقة، ولن يحاول أحد أن يطالبه بأجرة لها بعد ذلك، كما لن يضايقه بعد تملكها مالك آخر، وستكون له حرية الانتفاع بها واستغلالها كأي مالك، وله أن يجرى فيها كافة التعديلات والتحسينات باعتبارها ملكًا له.
(ب) يشجع هذا النظام أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة على استغلال أموالهم في انشاء العمارات وبيعها شققًا، لأن ثمن بيع الشقق أكبر بكثير من ثمن بيع العمارة دفعة واحدة مما يحقق أرباحًا زائدة. كما أنه من السهل العثور على مشترين للشقق لأن ثمن الشقة قد يتوافر عند الكثيرين، بينما من الصعب وجود مثل عدد هؤلاء مشترين للعمارة كلها لضخامة ثمن العمارة.
وبناء عمارات شاهقة وبيعها شققًا يرفع أثمان الأراضي، إلا أنه يوفر -من جهة أخرى- من نفقات البناء، عن بناء عدة عمارات صغيرة تضيع مساحات كبيرة منها في الأقنية وتضيع نفقات فيها في التأسيس والتجهيزات اللازمة للعمارة.
(جـ) هذا النظام يشجع كذلك على تكوين شركات وجمعيات لبناء العمارات وتمليكها شققًا.
على أن تمليك الشقق والطبقات لا يخلو من مشكلات، وأهم مشكلاته هي:
(أ) أنه يتضمن دوام الشيوع الجبري في بعض أجزاء العمارة، وهي الأجزاء التي تسمى «بالأجزاء المشتركة» كالمدخل والسلم والأقنية ... إلخ، وهذا يقتضي تعاونًا بين ملاك الشقق والطبقات واحترامًا لحقوق الجوار بصفة دائمة ومستمرة.
(ب) أن هذه الأجزاء المشتركة تحتاج إلى نظام خاص لحفظها وصيانتها وإدارتها.
(جـ) أن انهدام شقة في العمارة أو جدار مشترك أو سقف مشترك، له أثره الخطير على الملاك الباقين في السفل أو في العلو أو المجاورين، مما يتطلب حلًا ناجعًا وعاجلًا لا تتسبب عنه أضرار لهؤلاء الملاك ولا للمالك الذي انهدمت شقته أو جداره أو سقفه أو تصدع له شيء من ذلك.
2- قدم ظهور هذا النظام ومصادره:
تمليك الطبقات نظام عرف من زمن بعيد، إذ يروى أن رجلًا من مدينة سيار في دولة بابل كان يملك دارًا من طابقين باع السفل منها واحتفظ بالعلو. كما عرف الكلدانيون هذا النظام[2]. وعرفته مصر أيام الدولة الرومانية الشرقية. كما عرفته الدولة الإسلامية ونظم الفقه الإسلامي علاقة صاحب العلو يصاحب السفل وأحكام الحائط المشترك والتزامات الجوار وحقوق الارتفاق.
أما أوروبا فالراجح أنها لم تعرف هذا النظام إلا في القرون الوسطى[3] وقد انتشر في بلجيكا وفي فرنسا في مدينة جرينويل ثم في غير ذلك من المدن.
وينشأ هذا النظام من عدة مصادر، منها بيع شخص لطابق أو شقة في عقار يملكه مكون من عدة طوابق أو شقق إلى شخص آخر، أو قسمة مبنى بين عدة ملاك قسمة تجعل لكل منهم طابقًا أو شقة فيه، أو نتيجة قيام جمعية بتمليك أعضائها شققًا في مبنى قامت بإنشائه، أو نتيجة الإيجار التمليكي، ويتم بقيام عدة أشخاص ببناء عمارة بحيث يدفع كل منهم حصة في رأس مال مشترك بنسبة قيمة الشقة التي سيتملكها مع أجرة الشقة لمدة معينة مع قسط آخر يكفي لسداد قروض يقترضونها باسمهم جميعًا، وغالبًا ما يطلقون على تجمعهم اسم «الشركة» وتنحل شركتهم بعد الوفاء بالتزاماتهم وفي التصفية يتملك كل شريك شقته... إلخ.
3- جواز تمليك الشقق والطبقات شرعًا:
أجاز الفقه الإسلامي تمليك الشقق والطبقات، عملًا بالقواعد العامة في الشريعة الإسلامية التي تجيز بيع الأموال وتجيز تملكها ملكًا مفرزًا أو شائعًا كما تجيز تقرير حقوق ارتفاق عليها.
وقد تحدثت نصوص الفقه الإسلامي عن بيع العلو (أي الطبقة العليا) والسفل (أي الطبقة السفلى) وهبة ذلك والصلح عليه واجارته، كما وضعت أحكامًا تعالج مشكلات صيانة السفل والعلو وانهدام أحدهما... الخ[4].
بل تحدث الفقه الإسلامي عن بيع حق القرار وهو يتضمن بيع الفراغ الذي يعلو أحد الأدوار ليبني فيه آخر طبقة أو شقة. ولا يعد بيع حق القرار من الغرر الذي تنهى الشريعة الإسلامية عنه، لأن الفراغ الذي يعلو الطبقة التي تملكها فراغ موجود بالفعل ويمكن البناء فيه، وينتفع من يملكه بسقف الطبقة التي سيبنى عليها لأن هذا السقف سيكون بمثابة الأرض التي يبنى عليها، فلم يكن في بيع حق القرار غرر ينهى الشارع عنه[5].
لكن من الغرر أن تبيع أو تؤجر بيتًا تزعم بناءه أي قبل أن يتم هذا البناء، لأنك قد تبنيه وقد لا تبنيه، فكان وجوده على خطر الوجود والعدم، وهذا نوع من الغرر الفاحش الذي يؤدى إلى النزاع بين الناس، والذي تنهى الشريعة الإسلامية عنه.
والفرق واضح بين بيعك حق القرار وبيعك بيتًا تزعم بناءه، فبيع حق القرار يرد على فراغ موجود بالفعل، أما بيعك البيت في هذا المثال فيرد على شيء غير موجود، لأن البيت المبيع قد يوجد وقد لا يوجد، فكان في بيعه غرر فاحش لا يجوز.
ولقد بلغ من فهم بعض علماء الفقه الإسلامي للأوضاع الاقتصادية المتقدمة، أنهم أجازوا لك أن تبيع علوا على سفل ستبنيه، أي إذا كانت لك أرض ليس عليها بناء، لكن في نيتك أن تبنى عليها الدور الأرضي، جاز لك أن تبيع الفراغ الذي يعلو هذا الدور الأرضي، وعندئذ يمكنك أن تنتفع بثمنه في بناء الدور الأرضي وتسديد بعض تكاليفه[6]، وليس في هذا غرر لأنك تبيع فراغًا موجودًا بالفعل على أرض موجودة وسقف سيوجد حتمًا فإذا لم تقم ببناء السفل أمكن لمن اشترى فراغ العلو أن يبنى السفل بالثمن الذي كان سيدفعه لك ويرجع عليك بباقي التكاليف، وله أن يتملك السفل ويستغله حتى تدفع له تكاليفه ثم يبنى العلو على هذا السفل. وكل ما اشترطه الفقه الإسلامي لصحة هذا التصرف أن يكون كل من السفل والعلو معلومًا للمتعاقدين، أي معروفة أبعاده وطريقة بنائه، حتى لا يكون بينهما نزاع بعد ذلك.
ويجوز لك -من باب أولى- إذا كنت تملك أرضًا- أن تبيع القضاء الذي يمكن فيه أن يبنى المشترى الدور الأرضي، وتحتفظ بحقك في البناء على العلو.
4- مجال أحكام ملك الشقق والطبقات:
إذا أردت أن تملك شقة أو طبقة، فذلك يقتضي، من الناحية الشرعية أو القانونية توافر الأمور الآتية:
أولًا: أن يكون هناك مبنى مكون من شقق أو طوابق.
وبالتالي لا مجال لأحكام ملك الشقق والطبقات في الأراضي غير المبنية، فذلك يمكن أن يرد عليها تملك حق القرار أي حق البناء، لكن لا ترد عليها أحكام تملك الشقق أو الطبقات.
كذلك لا مجال لتملك الطبقات في المباني المكونة من طبقة واحدة ولا لتملك الشقق في المباني المكونة من شقة واحدة (كبعض الفيلات)، أي أن مجال أحكام تملك الشقق أو الطبقات يفترض وجود أكثر من شقة أو طبقة في المبنى.
ثانيًا: أن يكون ملك المبنى مجزءًا بين عدة ملاك.
فلا مجال لأحكام تملك الشقق والطبقات في المبنى المملوك لشخص واحد[7]. سواء كان هذا الشخص انسانًا أو جمعية للبناء لم تملك أفرادها شقق المبنى أو طبقاته، أو غير ذلك.
ثالثًا: أن تكون كل طبقة أو كل شقة ملكًا خاصًا مفرزًا لمالكها أو لمالكيها، وأن تكون الأجزاء الأخرى في المبنى كالمدخل والسلم، مما يمكن أن يستعمله سائر ملاك الشقق أو الطبقات إما لأنهم يملكون هذه الأجزاء ملكية شائعة، وإما لأن لهم حق ارتفاق عليها، وتسمى هذه الأجزاء بالأجزاء المشتركة.
وعلى ذلك لا مجال لأحكام تملك الشقق والطبقات في المبنى المملوك كله لعدة ملاك على الشيوع، كما رأينا أنه لا مجال لهذه الأحكام في المبنى المملوك كله ملكية مفرزة لمالك واحد، ذلك أن ملك الشقق والطبقات يتضمن نوعًا خاصًا من الملكية يسمى بالملكية المشتركة.
فالملكية -في الأصل- قد تكون مفرزة وقد تكون شائعة. فالملكية المفرزة هي ملكية يستأثر فيها المالك بالشيء المملوك وحده دون أن يشاركه فيه غيره، كما لو كنت مالكًا وحدك منزلًا من المنازل، أما الملكية الشائعة فهي ملكية يشترك فيها أكثر من مالك بحيث لا يستأثر أحدهم بالشيء المملوك كله أو بعضه، وإنما يكون له نصيب شائع فيه كالنصف أو الثلث مثلاً. فإذا كنت تملك منزلًا مع آخر، لكل منكم فيه الربع مثلًا، كانت ملكية كل منكم ملكية شائعة، أي يكون لك الربع بالمشاع في جميع أجزاء المنزل.
أما ملكية الشقق أو الطبقات فهي ملكية تتميز بأن فيها أجزاء مملوكة ملكية مفرزة مثل الحوائط الداخلية للشقة، وأجزاء أخرى مشتركة قد تكون مملوكة ملكية شائعة لسائر ملاك الشقق أو الطبقات، وقد يكون بعضها سلوكًا ملكية شائعة لهم بينما البعض الآخر لهم عليها حق ارتفاق. وهكذا تعتبر ملكية الشقق والطبقات ملكية مشتركة تجمع بين الملكية المفرزة والملكية الشائعة.
والأجزاء المشتركة إذا كانت مملوكة على الشيوع لملاك شقق أو طبقات المبنى، فإن الشيوع فيها شيوع اجباري تبعي، أي يلزم الملاك فيه بالبقاء على الشيوع فلا يجوز لأحدهم طلب القسمة في هذه الأجزاء المشتركة، كما أن النصيب الشائع لكل منهم في هذه الأجزاء المشتركة إنما هو نصيب تابع للشقة أو الطبقة التي يملكها ملكية مفرزة فالشيوع هنا اجباري وتبعي في نفس الوقت.
وإذا كانت الأجزاء المشتركة غير مملوكة على الشيوع، وإنما عليها حق ارتفاق، فالاشتراك فيها اشتراك في الانتفاع بها، فهي مشتركة في الاستعمال لا في الملكية.
ويلاحظ أن هناك فرقًا بين أن تكون الأجزاء المشتركة مملوكة على الشيوع الجبري التبعي، وبين أن يكون عليها حق ارتفاق، فمثلًا إذا كان هناك منزل مملوك ملكية مفرزة لشخص، ويقع خلفه منزل آخر مملوك ملكية مفرزة لشخص آخر، وكان الوصول إلى المنزل الاخير يقتضى المرور في ممر مملوك لصاحب المنزل الأول، فإننا نكون بصدد حق ارتفاق عبارة عن حق المرور في هذا الممر للوصول إلى المنزل الثاني، فالممر عقار خادم والمنزل الثاني هو العقار المخدوم، والممر مملوك لصاحب المنزل الأول، إلا أن لمالك المنزل الثاني حق استعمال هذا الممر للوصول إلى منزله. وقد تكون بصدد صورة أخرى يملك فيها صاحب المنزل الأول جزءًا من هذا الممر ملكية مفرزة، ويملك فيها صاحب المنزل الآخر الجزء الآخر للممر ملكية مفرزة كذلك. ثم يتفقان على أن يكون لكل منهما استعمال الممر كله، فينشأ بذلك حق ارتفاق «تبادلي» على ملك كل منهما.
هكذا نجد أن الارتفاق حق يرد على ملك الغير، بخلاف الشيوع الجبري فلا يرد على ملك الغير، فالممر إذا كان مملوكًا على الشيوع المالكي المنزلين، فمعنى هذا أن كلًا منهم يملك نسبة معينة كالنصف مثلًا في كل جزئية فيه، وهو إذا استعمله قائمًا يستعمل ملكه أو يستعمل ما له فيه ملك، بينما الارتفاق يستعمل فيه الشخص ملك غيره، والارتفاق يفترض وجود عقار خادم وعقار مخدوم، ويفترض أن مالك العقار الخادم غير مالك العقار المخدوم، وأن كلاهما يملك عقاره ملكية مفرزة. أما الملك في الشيوع الجبري فيفترض وجود عقار تابع مملوك على الشيوع وعقار متبوع مملوك ملكية مفرزة، ويفترض أن مالك العقار المتبوع يملك نصيبًا في العقار التابع.. ولهذه التفرقة نتائجها الهامة في فقه الشريعة وفي فقه القانون[8].
5- نوعان من الأنظمة في ملك الشقق والطبقات:
يمكن أن نميز في أنظمة ملك الشقق والطبقات بين نوعين من الأنظمة:
النوع الأول: نظام الفقه الإسلامي: وفيه تعتبر الطبقة أو الشقة مملوكة ملكية مفرزة، ويلحق بها أجزاء أخرى في المبنى تعتبر مملوكة لمالك الطبقة أو الشقة ملكية مفرزة لكن لباقي ملاك الطبقات أو الشقق عليها حق ارتفاق يخولهم استعمالها والانتفاع بها. وإلى جانب ذلك توجد أجزاء أخرى تعتبر مملوكة لسائر الملاك ملكية شائعة ولهم استعمالها والانتفاع بها على هذا الاعتبار.
فهذا النظام يتميز بأنه يتوسع في الأجزاء الخاصة المملوكة ملكية مفرزة، ويضيق من الأجزاء المشتركة التي يمكن لسائر الملاك استعمالها والانتفاع بها، ويجعل بعض هذه الاشياء المشتركة مملوكًا ملكية شائعة، وبعضها الآخر مملوكًا ملكية مفرزة غير أن السائر الملاك عليه حق ارتفاق.
النوع الثاني: نظام التشريع الفرنسي: وفيه تعتبر بعض أجزاء الشقة مملوكة ملكية مفرزة. أما باقي أجزائها مع سائر أجزاء المبنى الأخرى فتعتبر من الأجزاء المشتركة المملوكة لسائر الملاك ملكية شائعة.
فهذا النظام يتميز بأنه يضيق من الأجزاء الخاصة المملوكة ملكية مفرزة، ويتوسع في الأجزاء المشتركة المملوكة لسائر الملاك ملكية شائعة، ويستغنى بهذا التوسع عن تقرير حق ارتفاق عليها.
وسنشرح - فيما بعد - أهم ملامح هذين النظامين، ونقارن بينهما.
6- أهم الأحكام التي تنظم ملك الشقق والطبقات:
في الفقه الإسلامي ينظم ملك الشقق والطبقات عدة أحكام أهمها ما ورد فيه من أحكام العلو والسفل، وأحكام الجدار المشترك، وأحكام الملكية الشائعة، وأحكام التزامات الجوار... وهذه الأحكام وردت في الفقه الإسلامي من زمن بعيد وهي صالحة لحكم ملك الشقق والطبقات في عصرنا الحاضر، مما يدل على أن الفقه الإسلامي عريق وأصيل.
أما التشريع الفرنسي، فهو تشريع حديث، لأنه لم تكن في فرنسا نصوص تشريعية تحكم هذا النظام سوى المادة ٦٦٤ مدني فرنسي وأحكام الشيوع. وأول قانون فرنسي وضع لتنظيم ملك الشقق والطبقات صدر في ۲۸ يونيو ۱۹۳۸ م. وقد حدد هذا القانون حقوق والتزامات الملاك في الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة، كما أنشأ من جميع الملاك نقابة بقوة القانون مالم يتفق الملاك على نظام آخر، وجعل سلطة هذه النقابة لا تتعدى المسائل المتعلقة بالانتفاع بالأجزاء المشتركة وادارتها دون عمل تحسينات أو تركيبات جديدة[9] ثم صدر في فرنسا قانون آخر جديد برقم ٥٥٧ لسنة ١٩٦٥ م في ١٠ يوليو ١٩٦٥م الذي عدل بالقانون رقم ١٠٠٦ لسنة ١٩٦٦م، الصادر في ٢٨ ديسمبر ١٩٦٦ م وأكمل بالأمر رقم ۲۲۳ لسنة ١٩٦٧ في ١٧ مارس ١٩٦٧م الخاص بإدارة الملكية المشتركة[10] وقد جعلت هذه التشريعات الجديدة تنظيم نقابة الملاك إلزاميًا لا يجوز الاتفاق على خلافه، كما أجازت لهذه النقابة أن تعمل تحسينات وتركيبات جديدة على تفصيل في ذلك.
ويعتبر القانون المدني المصري العالي نموذج التشريع الذي حاول أن يجمع بين فكرة نظام الفقه الإسلامي وفكرة نظام التشريع الفرنسي الحديث في ملك الشقق والطبقات. ولم يكن الأمر كذلك في مصر فيما مضى، لأن أحكام الشريعة الإسلامية كانت هي الأحكام السارية على هذا النظام في مصر، ثم نص القانون المدني المصري الملغى على المواد 34 - 37 أهلي / 55 - 58 مختلط لحكم هذا النظام، وقد استمد هذه المواد من الفقه الإسلامي ومما نصت عليه مجلة الأحكام العدلية من أحكام، ثم صدر القانون المدني المصري الحالي ينظم ملك الشقق والطبقات في المواد ٨٥٦ - ٨٦٩ بعنوان ملكية الطبقات، وقد تأثر في هذه الأحكام بالقانون الفرنسي الصادر في ٢٨ يونيو ۱۹۳۸ وبالفقه الإسلامي، وقد أجاز القانون المدني المصري الحالي تكوين «اتحاد الملاك الشقق والطبقات» في كل عمارة لإدارة وصيانة الأجزاء المشتركة، غير أن هذا الاتحاد لا يقوم إلا باتفاق الملاك عليه، على خلاف قانون ۱۹۳۸ الفرنسي الذي أقام هذا الاتحاد بقوة القانون إذا لم يتفق الملاك على نظام آخر، وعلى خلاف قانون ١٩٦٥ الفرنسي الذي جعل قيام هذا الاتحاد إلزاميًا لا يجوز الاتفاق على غيره - كما وضع القانون المدني المصري الحالي أحكامًا تنظم علاقة العلو بالسفل.
وقد اختلف شراح القانون المدني المصري الحالي حول ما إذا كان نظام ملك الشقق والطبقات الوارد به هو نظام واحد أم نظامان.
فقد رأى فريق من الفقهاء[11] أن نظام ملك الشقق والطبقات في القانون المدني المصري الحالي إنما هو نظام واحد يتضمن أحكامًا للأجزاء الخاصة المملوكة ملكية مفرزة، كما يتضمن أحكامًا للأجزاء المشتركة المملوكة على الشيوع كما ينظم الارتفاقات بين السفل والعلو.
ويذهب فريق آخر من الفقهاء[12] إلى أن تنظيم القانون المدني المصري الحالي لملك الشقق والطبقات يتضمن التفرقة بين ملكية الشقق وملكية الطبقات، أما ملكية الشقق فهي مستمدة من النظام الفرنسي الذي يجعل المبنى فيه أجزاء خاصة مملوكة ملكية مفرزة وأجزاء مشتركة مملوكة على الشيوع لسائر ملاك الشقق، وأما ملكية الطبقات - فهي في نظرهم - مستمدة من نظام الفقه الإسلامي، وهي ملكية العلو والسفل، وتتميز بأنها ملكية مفرزة لكل طبقة، ولصاحب العلو فيها حق القرار على الطبقة التي تحته، ولا تقترن هذه الملكية بالضرورة بملكية شائعة للأجزاء التي ينتفع بها سائر الملاك وإنما لهم عليها حق ارتفاق، ويضيفون أن نظام ملكية الشقق هو القواعد العامة أما نظام ملكية الطبقات فلا يسرى إلا إذا اتفق عليه، أخذًا من المادة 856/1 التي نصت على أنه إذا تعدد ملاك طبقات الدار أو شققها المختلفة، فإنهم يعتبرون شركاء في ملكية الارض وملكية أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع.. مالم يوجد في سندات الملك ما يخالفه.
وفي رأينا أن القانون المدني المصري الحالي، يفرق بين ملكية الشقق وملكية الطبقات، كما يذهب هذا الرأي الأخير، إلا أننا نرى أنه في ملكية الطبقات ابتسر بعض أحكام الفقه الإسلامي وغفل عن بعضها الآخر، ولو أخذ بكل هذه الأحكام لما احتاج الى تنظيم آخر لملكية الشقق يستمده من التشريع الفرنسي أو من غيره من التشريعات.
وستحاول -فيما يلي- أن نستعرض أهم ملامح النظام الفرنسي ونظام الفقه الإسلامي في ملك الشقق والطبقات.
7- التفرقة بين الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة في النظامين الفرنسي والمصري:
سبق أن ذكرنا أن ملك الشقق والطبقات في النظام الفرنسي يفرق بين الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة. فالأجزاء الخاصة هي أجزاء مملوكة لصاحبها ملكية مفرزة أي تخص مالكًا معينًا دون غيره، كالجدران الداخلية للشقة[13]. والأجزاء المشتركة هي أجزاء يشترك ملاك الشقق في امتلاكها ملكية شائعة[14].
ومعيار التفرقة بين الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة هو نوع الانتفاع، فإذا كان الانتفاع بجزء من العمارة خاصًا أي مقصورًا على شخص معين كان هذا الجزء خاصًا، وإذا كان الانتفاع بجزء منها مشتركًا بين عدة أشخاص كان هذا الجزء مشتركًا[15].
وذلك كله مالم يوجد نص أو اتفاق يقضى بغير ذلك. فقد تبيع شركة تأمين شقق عمارة بنتها وتحتفظ الشركة لنفسها بملكية الأرض، وقد يتفق ملاك الشقق على أن تكون الأرض المقامة عليها العمارة ملكًا خاصًا لملاك شقق الدور الأرضي، أو يتفقون على أن يكون فناء العمارة أو حديقة فيها ملكًا خاصًا لصاحب الشقة التي تفتح بابًا لها على الفناء أو الحديقة وهكذا.
ومن أمثلة الأجزاء الخاصة في النظام الفرنسي والمصري[16]:
ومن أمثلة الأجزاء الخاصة في النظام الفرنسي والمصري(أ) أرضية الشقة المصنوعة من الخشب أو بلاط الأسمنت أو بلاط قنالتكس أو الرخام أو غير ذلك، أما ما تحت هذه الأرضية فهو سقف للشقة السفلي أو هو أرض العمارة، وكلاهما في الأصل من الأجزاء المشتركة.
(ب) الجدران الداخلية للشقة طالما أنها لا تعتبر من الأجزاء الرئيسية للعمارة، وكذلك ما على الجدران من بياض ودهان وكسوة وزخارف داخل الشقة.
(جـ) أبواب غرف الشقة وبابها الخارجي ونوافذها وشبابيكها (أي شيشها) الداخلية والخارجية، وما بهذه الأبواب أو تلك النوافذ من مقابض أو زجاج أو خلافه.
(د) السواتر الداخلية للشقة وشرفاتها ودعامات هذه الشرف[17].
(هـ) ما بداخل الشقة من أنابيب المياه والغاز وأسلاك الكهرباء وتوصيلة المسرة (التليفون) أو الإذاعة المسموعة (الراديو) أو المرئية (التليفزيون)، والمدافئ التي تعمل بالفحم. وكذلك الأدوات الصحية بداخل الشقة كحوض الاستحمام (البانيو) وأحواض الغسيل وصنابير المياه وغيرها، وأنابيب القمامة الخاصة بالشقة.
(و) ما يتبع الشقة من بدروم أو مخازن أو مأوى (جراج) للسيارات أو غرفة للخدم أو للغسيل إذا لم يكن مخصصًا إلا لصاحب الشقة ولم يكن مشتركًا بينه وبين غيره في الملك أو الاستعمال.
ومن أمثلة الأجزاء المشتركة في النظام الفرنسي والمصري:
(أ) الأرض المقام عليها بناء الشقق، فهي مملوكة لجميع ملاك شقق العمارة.
(ب) أساسات المبنى داخل الأرض وعلى سطحها مما يقوم عليه البناء.
(جـ) الأفنية (المناور) سواء كانت أقنية داخلية أو كانت أقنية خارجية تطل على الشارع، أو كانت أفنية المرافق (أي أفنية دورات المياه والحمام والمطبخ).
وقد يستغل مالك إحدى الشقق في الدور الأرضي جزءًا من فناء، أو أحد الأفنية، برضا ملاك سائر الشقق، بل وقد يعترف له بحق استقلال خاص لأحد الأفنية وعندئذ يحق له أن يغطيه أي يجعل له سقفًا[18].
كذلك قد ينشئ أحد الملاك على أحد الأفنية مبنى كغرفة أو مخزن، فتكون الفرقة ملكًا خاصًا له، ويظل الفناء من الأجزاء المشتركة المملوكة لسائر الملاك، ويتم هذا باتفاق صريح أو ضمني بين ملاك الشقق[19].
(د) الحديقة أو الحدائق التابعة للمبنى: وهذا يحسن تنظيمه باتفاق حتى لا يحدث نزاع بين ملاك الشقق، على أن جزءًا من الحديقة يتولى ملاك شقق الدور الأرضي استغلاله استغلالًا خاصًا بهم، ويتم ذلك عادة باتفاق صريح أو ضمني أيضًا بين ملاك الشقق[20].
(هـ) الأسوار، كسور المبنى وسور الحديقة التابعة له[21].
(و) المداخل: كالمدخل الرئيسي للعمارة، والمداخل الفرعية إن وجدت، وأبواب هذه المداخل ونوافذها.
(ز) الجدران الرئيسية للمبنى، ومنها الحوائط الخارجية للعمارة، والأعمدة المسلحة الرئيسية لا الفرعية، والحوائط الخارجية لكل شقة عدا الحوائط الفاصلة بين شقتين فتكون ملكيتها مشتركة بين أصحاب هاتين الشقتين[22] وكذلك جدران السلم من الأجزاء المشتركة.
(ح) الأسقف (أو قواعد الأرضيات) فهي جزء لا يتجزأ من الجسم الرئيسي للبناء[23] أما ما على قواعد الأرضيات من بلاط أو خشب أو خلافه فهو من الأجزاء الخاصة بمالك الشقة، على ما عرفنا.
(ط) الممرات والدهاليز: إلا أنه إذا كان الممر خاصًا بشقتين، فملكيته مشتركة بين أصحاب هاتين الشقتين[24].
(ى) السلم والمصعد: ونوافذ السلم وملحقاته كمسند السلم (الدرابزين) والتوصيلات الكهربائية للمصعد[25].
(ك) أنابيب المياه والغاز وأسلاك الكهرباء، إلا ما كان منها داخل الشقة، والتوصيلات الرئيسية لذلك ومسالك الدخان والمجاري والبشر، والعداد العام للكهرباء والمياه، عدا العدادات الخاصة فهي لأصحاب الشقق، والتوصيلات الرئيسية لأجهزة التدفئة والإذاعة.
(ل) السطح من الأجزاء المشتركة على أساس أن الانتفاع به مشترك بين سائر ملاك الشقق[26].
(م) أماكن الخدمة العامة، مثل غرفة البواب أو الغفير، أماكن عربات الأطفال والدراجات، وصناديق القمامة خارج الشقق[27].
وهناك حقوق تابعة للأجزاء المشتركة منها:
(أ) حق التعلية للبناء:
(ب) حق إقامة مباني في الأفنية أو الحديقة.
(ج) حق إنشاء منتزهات أو حديقة في المبنى.
فهذه الحقوق هي لسائر ملاك الشقق مالم يتفق على غير ذلك، كان يتفق على أن يكون لملاك شقق الدور الأعلى حق التعلية أو لملاك شقق الدور الأرضي استغلال الحديقة... الخ.
8- نصيب مالك الشقة في الأجزاء المشتركة
مالك كل شقة يملك جزءًا شائعًا في الأجزاء المشتركة بنسبة قيمة شقته، مالم يتفق على غير ذلك[28].
وتتحدد قيمة الشقة على أساس مساحتها وموقعها ومواصفات بنائها، والعبرة في تقدير هذه القيمة بوقت انشاء الملكية المشتركة، فلا عبرة بأي تغيير خارجي يطرأ على المبنى بعد انشائه كتحسين صنع المبنى لتوسيع الطريق الذي يطل عليه مثلًا مما يزيد في أثمان الشقق، كما لا عبرة بأي تغيير داخلي في الشقة كزينة أو زخارف. ويلاحظ أن قيمة الشقة على هذا الأساس قد تختلف عن الثمن الذي بيعت به، لأن تحديد هذا الثمن قد يختلف من مشتر إلى آخر وقد يتوقف على اعتبارات شخصية.
وتحديد حصة مالك الشقة في الأجزاء المشتركة له أهميته من عدة وجوه منها: أن توزيع تكاليف صيانة وتجديد هذه الأجزاء المشتركة يتم بنسبة نصيب كل مالك فيها، كذلك إذا تحقق عائد أو دفع بدل لهذه الأجزاء المشتركة كثمن بيع ثمار الحديقة أو تأجير جزء من فناء العمارة أو نزع جزء منه للمنفعة العامة، فإن هذا العائد أو البدل يوزع على ملاك الشقق بنسبة تصيب كل منهم، كذلك عند إدارة هذه الأجزاء المشتركة تكون العبرة برأي أغلبية الشركاء. وتحسب هذه الأغلبية على أساس نصيب كل مالك في الأجزاء الخاصة المفرزة وما يتبعها من أجزاء مشتركة.
9- طبيعة حق مالك الشقة على الأجزاء المشتركة:
آثار وضع الأجزاء المشتركة خلافًا كبيرًا في الفقه حول طبيعة حق مالك الشقة عليها، وأهم الآراء في ذلك كانت تتلخص في الآتي:
الرأي الأول: أن مالك كل شقة له حق ارتفاق على الأجزاء المشتركة، عدا الأرض فيمتلكها جميع الملاك على الشيوع. ومقتضى هذا الرأي أن يكون مالك الشقة مالكًا لجدرانها الداخلية والخارجية ومالكًا لأرضها وسقفها ملكية مفرزة، غير أن لسائر ملاك الشقق حق ارتفاق على الجدران الرئيسية وعلى أرض الشقة أو سقفها وعلى الأجزاء المشتركة الأخرى في المبنى عدا الأرض فيملكها جميع ملاك الشقق ملكية شائعة[29].
وهذا الرأي كان له في فرنسا في ظل المادة ٦٦٤ مدني فرنسي[30]، إلا أنه لم بعد قائمًا بعد صدور قانون ۲۸ يونيو ۱۹۳۸ الفرنسي ومن بعده قانون ۱۰ يوليو ١٩٦٥ م الفرنسي وكلاهما اعتبر كل الأجزاء المشتركة مملوكة لجميع ملاك الشقق ملكية شائعة.
وكان هذا الرأي هو السائد في مصر في ظل القانون المدني السابق، حيث كان المالك لطبقة يعتبر مالكًا لها ولجدرانها الرئيسية ملكية مفرزة، وله حق ارتفاق على ما تحته من سفل أو ما فوقه من علو، إلا أن الأرض والتوصيلات الرئيسية للمياه والكهرباء كانت مملوكة ملكية شائعة لسائر ملاك الطبقات[31]، وفي ظل القانون المدني الحالي فإن هذا الرأي، يطبق على ملكية الطبقات في العلو والسفل بخلاف ملكية الشقق التي يعتبر فريق من الفقهاء الأجزاء المشتركة فيها مملوكة ملكية شائعة.
الرأي الثاني[32]: ويذهب الى أن العمارة كلها تكون مملوكة لسائر ملاك الشقق والطبقات ملكية شائعة، على أن يكون لكل مالك منفردًا حق استعمال الشقة التي تخصه ويستعمل مع غيره من الملاك سائر الأجزاء الشائعة. فكأن العمارة قد قسمت بين الملاك قسمة مهايأة مكانية دائمة.
وهذا التصوير يتعارض مع نصوص المواد 5 قانون ۱۹۳۸ الفرنسي السابق. و۲ و۳ قانون ١٩٦٥ الفرنسي الحالي، كما يتعارض مع أحكام المواد 34/٣7. و٥5/٥8 مدني مصري سابق والمادة ٨٥٦ من القانون المدني المصري الحالي، وهذه المواد صريحة في وجود ملكية مفرزة في المبنى لمالك الشقة أو الطبقة. وهذه الملكية المفرزة هي ميزة ترغب الناس في ملك الشقق والطبقات فلا يليق سلبها منه.
الرأي الثالث[33]: ويذهب إلى النظر إلى أن كل مالك لشقة يملك نصيبًا أو حصة في المبنى عبارة عن شقته وما يتبعها من الأجزاء المشتركة. والعبرة بالأصل وهو الشقة، أما الفرع فيتبع الأصل. والأصل هنا عبارة عن حصة مملوكة ملكية مفرزة.
على أن هذا الرأي لم يوضح لنا سوى تبعية الأجزاء المشتركة للنصيب المفرز، وهو أبو مسلم، لكن هذا التبعية لا تنفى أن لهذه الأجزاء المشتركة وضع خاص ينبغي النظر إليه، خصوصًا مع توسع النظام الفرنسي والمصري في اعتبار معظم أجزاء العمارة أجزاء مشتركة.
الرأي الرابع: ويذهب إلى أن مالك الشقة يملك شقته ملكية مفرزة، ويملك معها على الشيوع حصة في الأجزاء المشتركة.
وهذا هو الرأي السائد في فرنسا[34]، وفى مصر[35]، باعتباره الرأي الذي يتفق مع النصوص المعمول بها «وهي: قانون ۱۰ يوليو ١٩٦٥م في فرنسا والمادة ٨٥٦ مدني مصري وما بعدها في مصر».
10- نتائج اعتبار بعض الأجزاء مشتركة:
يترتب على اعتبار بعض الأجزاء في المبنى أجزاء مشتركة نتائج عامة منها:
(أ) أن تكون هذه الأجزاء المشتركة مملوكة لجميع ملاك الشقق، ملكية شائعة على الرأي السائد.
(ب) أن تظل على حالة الشيوع الجبري، وبالتالي فإن هذه الأجزاء المشتركة لا تقبل القسمة.
(جـ) أن يكون نصيب كل مالك لشقة في هذه الأجزاء المشتركة تابعًا لملكيته المفرزة للشقة. وبالتالي لا يجوز لمالك أي شقة أن يتصرف في نصيبه في الأجزاء المشتركة مستقلًا عن الشقة التي يملكها، تصرفًا ناقلًا للملكية كالبيع أو غير ناقل لها كالرهن. كذلك لا يجوز التنفيذ الجبري على نصيب الشريك في الأجزاء المشتركة مستقلًا عن الشقة التي يملكها ملكية مفرزة.
وأخيرًا فإن التصرف في الشقة يشمل النصيب التابع لها في الأجزاء المشتركة ما لم يتفق على غير ذلك.
(د) لا يجوز لمالك أي شقة أن يحدث تعديلًا في الأجزاء المشتركة، إلا بموافقة جميع ملاك الشقق في العمارة أو بإذن اتحاد الملاك، كقاعدة عامة[36].
(هـ) الأجزاء المشتركة مخصصة للاستعمال المشترك، أي لاستعمال جميع ملاك الشقق، ولمالك كل شقة أن يستعمل الأجزاء المشتركة بشرط أن يكون هذا الاستعمال في حدود ما أعدت له هذه الأجزاء، فلا يستعمل مأوى السيارات «الجراج» مثلًا مخزنًا لمنقولاته القديمة، وأيضًا بشرط إلا يحول استعماله للأجزاء المشتركة دون استعمال باقي الشركاء لحقوقهم عليها.
(و) يشترك كل ملاك الشقق في تكاليف حفظ الأجزاء المشتركة وصيانتها وادارتها وتجديدها، كقاعدة عامة.
(ز) أجاز القانون المدني المصري الحالي أن يتفق ملاك شقق المبنى على تكوين اتحاد لهم يتولى إدارة وصيانة الأجزاء المشتركة. وأنشأ قانون ۱۹۳۸م الفرنسي من جميع ملاك شقق المبنى نقابة بقوة القانون ما لم يتفق هؤلاء الملاك على نظام آخر، بينما جعل قانون ١٩٦٥ والأمر رقم ٢٢٣ لسنة ١٩٦٧ في فرنسا قيام هذه النقابة إلزاميًا لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه لإدارة وصيانة الأجزاء المشتركة وعمل تحسينات وتركيبات فيها في حدود معينة[37].
11- نقد التوسع في اعتبار بعض الأجزاء في المبنى أجزاء المشتركة:
سبق أن ذكرنا أن النظام الفرنسي في ملك الشقق والطبقات، وعنه أخذ القانون المصري، يتوسع في الأجزاء المشتركة في المبنى.
وقد رأينا عند الكلام عن أمثلة الأجزاء المشتركة أن الأرض والأفنية والحديقة والأسوار والمداخل وأساس المبنى وجدرانه الرئيسية وأسقفه، وممراته ودهاليزه وسلمه ومصعده وسطحه من الأجزاء المشتركة، وكذلك أماكن الخدمة العامة والتوصيلات الرئيسية لمرافقة.
ومن يتأمل أمثلة الأجزاء المشتركة في النظام الفرنسي والمصري يجد أن المبنى كله يكاد يكون من الأجزاء المشتركة، عدا الحوائط الداخلية في كل شقة وبلاط أو خشب أرضيتها وأبوابها ونوافذها وما يداخلها من أنابيب المياه والكهرباء والغاز أي أن النذر اليسير في المبنى هو الذي يعتبر من الأجزاء الخاصة المملوكة ملكية مفرزة، وهو الذي يعتبر الأصل، بينما الجزء الأكبر والغالب من المبنى هو الذي يعتبر من الأجزاء المشتركة المملوكة ملكية شائعة، وهو الذي يعتبر فرعًا تابعًا للأصل. وهو وضع معكوس. ولذلك رأينا عند الكلام عن طبيعة حق مالك الشقة على الأجزاء المشتركة من يرى أن العمارة كلها مملوكة على الشيوع، وأن لكل مالك منفردًا حق استعمال الشقة التي تخصه، وهو تصوير أقرب إلى الواقع لولا أن نصوص القانون تتعارض معه، وتذهب بالتحكم إلى اعتبار الأجزاء الخاصة في الأصل والأجزاء المشتركة في الفرع التابع، مع غلبة هذا الفرع وكبر حجمه وشموله لأغلب أجزاء العمارة، لأن الحوائط الخارجية للشقة وأرضها وسقفها من الأجزاء المشتركة، وفقًا لتصوير النظام الفرنسي، بينما الحوائط الداخلية في الأجزاء الخاصة من الشقة، فإذا خرجنا من الشقة وجدنا كل ما يستعمله مالك الشقة من سائر أجزاء المبنى بعد ذلك هو من الأجزاء المشتركة، فهو يعيش في فراغ محاط من كل جوانبه بأجزاء مشتركة ويكاد لا يملك - على انفراد - من الشقة إلا استعمالها من الداخل فحسب.
إن الأفنية و"المناور"، مثلًا يستعملها في الغالب ملاك الشقق في الدور الأرضي، ويكفي أن يكون لملاك الشقق العليا عليها حق ارتفاق المطل، ذلك هو الوضع العملي، وهو الأفضل من اعتبار كل ملاك الشقق في العمارة ملاكًا لهذه الأفنية، لأن ذلك قد يدفع ببعضهم إلى منازعة ملاك شقق الدور الأرضي في هذه الأفنية على أمور تافهة بحجة أنهم من ملاك هذه الأفنية، بل وقد يسيء بعضهم استعمال هذه الأفنية أو يحاول إيذاء ملاك شقق الدور الأرضي بوضع القمامة مثلًا في هذه الأفنية في بعض المناطق المزدحمة بالسكان بحجة أن لهم نصيبًا في ملكية هذه الأفنية. أن اختصاص ملاك شقق الدور الأرضي بملكية هذه الأفنية يوفر كثيرًا من هذه المنازعات وهو أصلح لصيانة هذه الأفنية وحسن استعمالها.
ولقد اتجه المشرع الفرنسي والمصري إلى اعتبار الحائط الفاصل بين شقتين ملكًا مشتركًا بين أصحاب هاتين الشقتين فحسب، فلماذا لا يعتبر السقف كذلك بين شقتين ملكًا مشتركًا بين أصحاب هاتين الشقتين؟! أن هذا الوضع سيحصر النزاع حول صيانة هذا السقف بين مالكي هاتين الشقتين وهو وضع عملي يفضل كثيرًا جعل هذا السقف مملوكًا لجميع ملاك شقق العمارة ويكفل سرعة حل أي نزاع حوله.
ثم لماذا لا تعتبر الحوائط الخارجية للشقة التي تطل على شارع أو فناء، كالحوائط الداخلية للشقة مملوكة ملكية خاصة لمالك الشقة؟ أليس ذلك مما يحفز مالك الشقة على صيانتها والعناية بها أكثر من جعلها مملوكة لسائر ملاك شقق العمارة الذين تتضاءل مصلحتهم أو تكاد تتقدم بالنسبة لهذه الحوائط، اللهم إلا عند تهدمها وهو وضع له حكم خاص.
حتى سلم العمارة، هل يهتم مالك لشقة في الدور الأرضي بتصدع بضع درجات في السلم الموصل مثلًا للدور الخامس أو العاشر؟ مهما قيل له أنه مالك لهذا السلم مع غيره على الشيوع، فإن هذه الملكية ذاتها هي التي ستدفعه إلى الأعمال باعتبار أن هناك غيره من سيتولى ذلك، أو من تكون مصلحته حافزًا له على الاهتمام بالسلم الذي يعلوه، فلماذا لا يعاد النظر في ملكية السلم على النحو الذي يحفز مالكه ومن له مصلحة فيه على الاهتمام بصيانته والمحافظة على حسن استعماله؟
وكذلك الحال بالنسبة لأرض المبنى وأساساته أو سطحه وحدائقه وغير ذلك مما يجب إعادة النظر فيمن يختص بملكيته.
ولا يقال أن تكوين اتحاد لملاك شقق العمارة يحل مشكلات الأجزاء المشتركة، فكلنا يعرف ما قد يعترى هذا الاتحاد بعد فترة من الفتور وما يقف أمامه من صعوبات وما يفتته من منازعات، وقد كان التشريع الفرنسي ۱۹۳۸ م يجعل هذا الاتحاد قائمًا بقوة القانون مالم يتفق على غير ذلك، ووجد المشرع الفرنسي أن هذا الوضع لا يكفى فجعل في تشريع ١٩٦٥ م قيام هذا الاتحاد ملزمًا ولو اتفق الملاك على عدم قيامه، وذلك لما لاحظه من تسبب واهمال في إدارة الأجزاء المشتركة، فما بالك بالوضع في مصر وقيام اتحاد الملاك فيها أمر اختياري لا يوجد إلا عند الاتفاق عليه.
إن كل توسع في الأجزاء المشتركة يعنى الزيادة في مشكلات ملك الشقق، مع النسيب والإهمال في إدارتها، وعدم الاكتراث بثروة المباني وهي ثروة قومية.. ومهما أقمنا من اتحادات للملاك وجعلنا قيام هذه الاتحادات أمرًا لازمًا، فإن هذه الاتحادات ستعاني من مشكلات التوسع في الأجزاء المشتركة.
ذلك أن التوسع في الأجزاء المشتركة يعنى التوسع في الملكية الشائعة، وللملكية الشائعة عيوبها الكثيرة، لكثرة الشركاء فيها وتعدد مطالبهم وتشابك مصالحهم.
فإذا أضيف إلى ما سبق أن الشيوع في الأجزاء المشتركة إنما هو شيوع جبري لا سبيل إلى القسمة فيه، لتبين لنا أن عيوب الملكية الشائعة ستظل ملازمة لملك الشقق على الدوام، ولا مقر للخلاص منها.
وناهيك إذا ما تفتت ملكية كل مشقة بالميراث عندئذ ستتفاقم مشكلات الأجزاء المشتركة وتزداد تعقيدًا، خصوصًا مع قدم المبنى وكثرة ما يحتاج فيه إلى صيانة وترميم وإصلاح.
ولا شك أن الإدارة المشتركة لا يمكن أن تحقق ما تحققه إدارة المالك لملكه الخاص.
ثم إن أهم ميزة لملك الشقق أن ينفرد كل مالك بملكية خاصة لشقته، وهذه الميزة تكاد تتلاشى مع التوسع في الأجزاء المشتركة التي تجعل مالك الشقة يكاد يملكها ملكية شائعة.
ولا معنى لأن يثبت الملك لشخص في أمر لا تهمه مصالحه لأن الملك اختصاص، وينبغي أن يظفر بهذا الاختصاص من تجعله مصالحه أكثر اهتمامًا به، أما من تكون له مصالح عابرة في الشيء فإن فكرة حق الارتفاق يمكن أن تفي بمصالحه العابرة. وهذا هو النهج الذي سار عليه الفقه الإسلامي، كما سنرى.
۱2- التفرقة بين العلو والسفل في الفقه الإسلامي:
إذا كان النظام الفرنسي قد حدد أحكام ملك الشقق على أساس التفرقة بين الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة في المبنى، مع التوسع في الأجزاء المشتركة، فإن الفقه الإسلامي قد نظم أحكام ملك الشقق والطبقات على أساس التفرقة بين العلو والسفل، وهي تفرقة كانت أصلًا للطبقات يعلو بعضها بعضًا، وليس هناك ما يمنع قياس الشقق عليها باعتبار أن بعضها يعلو بعضها الآخر، أما الشقق المتجاورة فهي كالمباني المتجاورة وهذه لها أحكامها العامة المنصوص عليها في باب الحائط المشترك، فتبين أن الذي يميز ملك الشقق والطبقات في الحقيقة هو العلو والسفل، وهو اعتبار أوضح من فكرة الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة. على أن الفقه الإسلامي لا يستبعد فكرة الأجزاء الخاصة والأجزاء المشتركة، وإنما يضيف إليها فكرة الارتفاقات.
وتتميز أحكام العلو والسفل التي تحدد ملك الشقق والطبقات في الفقه الإسلامي بالآتي:
(أ) التوسع في الأجزاء الخاصة، أي الأجزاء المملوكة ملكية مفرزة، وذلك على أساس أن اهتمام الشخص بملكه الخاص أكثر من اهتمامه بالملك الشائع بينه وبين غيره.
(ب) لا يثبت الملك الشائع إلا بالقدر الضروري، وذلك في الأجزاء التي يكون لأصحابها فيها مصالح تجعلهم أكثر اهتمامًا بها، وبذلك تضيق دائرة الأجزاء المشتركة، مع الحد من تعدد الملاك فيها بقدر الإمكان.
(جـ) أما من له مصالح عابرة، فيثبت له حق ارتفاق لتمكينه من الحصول على مصالحه، وذلك على أساس أن الملك اختصاص، ولا ينبغي أن يظفر بهذا الاختصاص إلا من تجعله مصالحه أكثر اهتمامًا به.
ويمكن أن تتلخص الأحكام التي تبنى على هذه الأسس التي تحدد ملامح أحكام ملك الشقق والطبقات في الفقه الإسلامي، على النحو الآتي:
أولًا: تثبت الملكية الخاصة المفرزة لمالك كل شقة أو طبقة في جميع الجدران الداخلية والخارجية لشقته أو طابقه، عدا الجدران التي تكون مشتركة بينه وبين جار له. وكذلك أبواب الشقة وأبواب غرفها ونوافذها وشبابيكها (أي شيشها) الداخلية والخارجية، وما بهذه الأبواب أو تلك النوافذ من مقابض أو زجاج أو خلافه. والسواتر الداخلية للشقة أو الطابق والشرفات ودعاماتها، وما بداخل الشقة أو الطابق من أنابيب المياه والغاز وأسلاك الكهرباء والمسرة (التليفون) والإذاعة. وكذلك المدافئ والأدوات الصحية وأنابيب القمامة وما يتبع الشقة أو الطابق من بدروم أو مخازن أو مأوى (جراج) للسيارات أو غرفة للخدم أو للغسيل.
كما يملك مالك الطابق الأرضي أو ملاك الشقق في الدور الأرضي، الأرض المقامة عليها الطابق أو الشقة كما يملك الفناء الذي تطل عليه إلا إذا كان مشتركًا بين شقتين فهو لمالكيهما، وفي حكم الفناء الحديقة والأسوار، فهذه تعتبر مملوكة ملكية خاصة لمالك الطابق الأرضي، أو مملوكة ملكية شائعة بين مالكي شقق الدور الأرضي التي تطل عليها، أما ملاك باقي الشقق فلهم عليها حق ارتفاق المطل أو المرور[38].
وعلى هذا يفترق الفقه الإسلامي عن النظام الفرنسي في أنه جعل كل حوائط الشقة مملوكة لمالك الشقة، عدا ما كان مشتركًا بينه وبين جار له، وجعل الأرض والفناء والحديقة والأسوار لمالك الطابق الأرضي، أو لملاك شقق الدور الأرضي، وبهذا أثبت الملك لمن كانت مصالحه أكثر اهتمامًا به، مما يحقق المالك على العناية به وصيانته، وجعل لمن له مصالح عابرة كملاك الشقق العليا حق المطل على الفناء والحديقة لتحقيق هذه المصالح بالقدر الضروري فحسب.
ثانيًا: تثبت الملكية الشائعة في الأجزاء التي لا مناص فيها من الانتفاع المشترك مع الحد من تعدد الملاك بقدر الإمكان أي أن الفقه الإسلامي يضيق من فكرة الأجزاء المشتركة، ليجعلها بالقدر الضروري، حتى يقلل من أضرار وعيوب الملكية الشائعة.
وعلى هذا الأساس نجد أن:
(أ) مدخل العمارة: من الأجزاء المشتركة المملوكة ملكية شائعة لسائر ملاك الشقق والطوابق، فكلهم له مصالح فيه عامة فثبت الاختصاص لهم جميعًا في تملكه، لأن انتفاعهم به انتفاع مشترك[39].
(ب) سلم العمارة: هو لملاك الشقق فوق الأرضي. لأن لهم اليد عليه، وكلهم لهم مصالح فيه هامة وانتفاعهم به مشترك فكان مملوكًا لهم على الشيوع، على تفصيل في ذلك[40].
(جـ) السقف: هو مشترك بين الشقة التي يعلوها والشقة التي يسفلها، وبالتالي يعتبر مملوكًا ملكية شائعة بين مالكي السفل والعلو، على رأي جمهور الفقهاء[41]، ولا يعتبر مملوكًا لسائر ملاك الشقق لأن الحد من تعدد الملاك يقلل من عيوب الملكية الشائعة، ثم إن مصالح أصحاب الشقتين اللتين بينها السقف تجعلهم أكثر اهتمامًا به، كما أن الانتفاع المشترك بهذا السقف أظهر بالنسبة لهما عن غيرهما، فثبت الملك لهما فيه دون غيرهما، ونظير ذلك الحائط المشترك كما سنرى، فهو مملوك ملكية شائعة لأصحاب الشقتين اللتين يفصل بينهما.
(د) الحائط الفاصل بين شقتين: ذلك أن حوائط الشقة الخارجية قسمان أحدهما يفصل بين شقتين والآخر يطل على الشارع أو على قناء العمارة أو فناء السلم، فالحائط الفاصل بين شقتين مملوك ملكية شائعة لأصحاب هاتين الشقتين فحسب[42].
(هـ) التوصيلات الرئيسية للمياه والغاز والكهرباء ومسالك الدخان والمجاري والبشر وكذلك أماكن الخدمة العامة مثل غرفة البواب وأماكن الدراجات فهذه كلها مملوكة ملكية شائعة لسائر ملاك الشقق، أو لملاك الشقق التي ينتفعون بها انتفاعًا مشتركًا.
ثالثًا: يثبت حق ارتفاق لملاك الشقق الذين لهم مصالح عابرة، على بعض الأجزاء الخاصة المملوكة لبعض الملاك، بالقدر الذي يحقق مصالحهم، كالمطل على الفناء والحديقة. والقرار على السفل ... الخ[43].
ويلاحظ أن الاحكام السابقة تبنى على العرف، وبالتالي تتغير بتغير العرف، كما أنه إذا وجد اتفاق على ما يخالفها وجب العمل به، لأن كل شرط لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا يجب الوفاء به[44].
وهكذا يجمع الفقه الإسلامي بين الدقة والمرونة، ويضع كل حكم في موضعه الصحيح.
[1] ونضرب لذلك مثلاً بما حدث في مصر، ذلك أن هذا النظام لم يكن منتشرًا فيها، إلا أن المشرع المصري توقع انتشاره فوضع سنة 1948م أحكامًا له في القانون المدني الحالي، ولم يمضي أقل من عشرين سنة حتى انتشر هذا التمليك انتشارًا واسعًا في القاهرة والإسكندرية، كما أخذ في الانتشار في غيرهما من المدن.
[2] برنارد Robert Bernard في رسالته La propriété des étages et des appartements dans les maisons horizantalement divisées. Paris 1928, P. 8.
[3] جوليو Julliot في كتابه Traité-Formulaire de la division des maisons par étages et par appartements. Paris. 1938, P. 2.
[4] ومن هذه النصوص عند الحنابلة: المغني لابن قدامه جـ ٤ ص ٤٥٧ والاقناع ج ۲ ص ۱۹۹. وعند الشافعية: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج جـ ٤ ص ۱۲۷ ومعنى المحتاج ج ۲ ص ١٩، وعند المالكية حاشية الدسوقي ج ٣ ص ١٤، وعند الأحناف: حاشية ابن عابدين جـ 5 من ٤٤٨.
[5] وذلك على خلاف رأى آخر في الفقه الاسلامي يعتبر ذلك غررًا - انظر عبد السلام العبادي في رسالته الملكية في الشريعة الإسلامية ط ١٩٧٤ عمان، ج ۱ ص ۲۱۰ – ۲۲۱. (البيت غير مبنى إذا وصف العلو والسفل. ويصبح فعل ذلك صلحًا أبدًا، وإجارة مدة معلومة).
[6] في الاقناع ۲ - ۱۹۹ (ويصح أن يشترى.. علو بيت يبنى عليه بنيانا موصوفًا، وكذا لو كان يصح البيع والصلح والإيجار.
وفي الشرح الكبير للدردير بحاشية الدسوقي 3- 14 (وجاز بيع هواء ... أي فضاء فوق هواء بأن يقول شخص لصاحب أرض بعني عشرة أذرع مثلاً فوق ما تبنيه بأرضك أن وصف البناء الأسفل والأعلى لفظًا أو عادة، للخروج من الجهالة والغرر).
وهناك رأى على أن ذلك لا يجوز لقولهم (أما حق التعلي فمتعلق بالهواء وهو ليس بعين مال) حاشية ابن عابدين 5-87، أي أن البيع يرد على هواء، والهواء ليس بمال فلا يجوز بيعه طالما أن البائع لا يحوزه. وهذه الحجة محل نظر لأن البائع هنا لا يبيع الهواء وإنما يبيع حيزًا معينا فوق أرضه أو فوق مبنى بناه، وهو يحوز هذا الحيز ويتموله الناس فكان مالاً وجاز بيعه.
[7] حتى لو جاوره مبنى آخر، وكان لأحدهما حق المرور في عقار الآخر ليصل إلى ميناء. انظر حكم 8- 4 - ١٩٧٠ في Gazette du Palais (جازيت دي باليه) ١٩٧٠ - ٢-٢٠٦.
[8] انظر: بلا نبول وريبير وبيكار:
Plnniol et Repert, Traité de droit civil.
Français, T, 111 (les bicns), par M. picard. paris 1952, P. 289.
[9] انظر في شرحه جوليو Julliot المرجع السابق. ودا للوز الدوري ۱۹۳۹ تعليق شفالييه Chevallier ص ٤ وما بعدها.
ويلاحظ أن قانون ۱۹۳۸م، اعترف (لشركات) الإيجار التمليكي بالشخصية الاعتبارية وهي الجماعات التي نشطت لتمليك الشقق في ذلك الوقت لأعضائها ولم تكن تستهدف الربح، ومع ذلك اعتبرها شركات سواء استهدفت الريح أو لم تستهدفه خلافًا للقواعد العامة التي لا تعتبر شركة إلا ما كان يستهدف الربح كما أجاز قانون ۱۹۳۸ لها عمل اكتتابات اضافية لزيادة رأس المال لمواجهة التكاليف غير المتوقعة. وهو ما يتضمن زيادة أعباء الشركاء على خلاق القواعد العامة التي لا تجيز ذلك
[10] داللوز، التقنين المدني ط 68-۱۹۱۹ م ص ۳۱۱ - ۳۳۱ وانظر في شرحه Cabanac: Traité de la construction en copropriété et du noveau régime de la copropriété, T. 2, 1970.
(ب) وأيضًا موسوعة داللوز Encyclopédie Dalloz
القانون المدني -المجلد الثالث- ١٩٧٥م الملكية المشتركة للعقارات المبنية بواسطة جيفوردن وجيفورد
Claude Giverdon, François Givord
Sizaire (سيزار) La Statut de la copropriété des immeubles bâtis, 1969.(ج)
(د) زورفليه وترايزافورت - المرجع السابق الإشارة إليه لهما.
[11] حسن كيره في الموجز في أحكام القانون المدني - الحقوق العينية الأصلية لـ ۱۹۷۵ م بند ۱۳۷ و١٤٣ - وعبد المنعم البدراوي في حق الملكية طـ ۱۹۷۳ م بند ۱۷۳ وعبد المنعم الصدة في حق الملكية ط ١٩٦٤ بند ١٨٤ - ١٨٦ - ومذكرة المشروع التمهيدي - مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري جـ ٦ ص ١٦٧.
[12] أحمد سلامة في الملكية الفردية في القانون المصري ط ۱۹۷۰ بند ۱۵۳ - وإسماعيل غانم في الحقوق العينية الأصلية ط ١٩٦١ ج ۱ بند ١٤٩ - السيد على المغازي في ملكية طبقات المنازل ط ١٩٤٩ بند ٤٨ - وجميل الشرقاوي بند ٥٩ وعبد الرزاق السنهوري في الوسيط جـ 8 بند ٦١٤ - ومحمد لبيب شنب في موجز الحقوق العينية الـأصلية طــ ١٩٧٤ بند ۳۱۸ ومنصور مصطفى منصور في حق الملكية في القانون المدني المصري ط ١٩٦٥ بند ۱۰۰.
[13] ووجود الأجزاء الخاصة يميز ملك الشقق عن الملك الشائع، فلو أن العمارة كلها كانت مملوكة لعدة أشخاص ملكية شائعة. لكان ملاكها شركاء على الشيوع دون أن يختص أحدهم بأي جزء منها.
[14] وجود الأجزاء المشتركة يميز ملك الشقق من الملك المفرز، فلو أن العمارة كلها كانت مملوكة الشخص واحد، لما كانت هناك أجزاء مشتركة.
[15] وهذا ما تنص عليه المواد ۲ و۳ و۷ قانون ۱۰ يوليو ١٩٦٥م الفرنسي الحالي ونصها:
Art 2 Sont privatives les parties des bâtiments et des terrains réservées à 1,
usage exclusif d'un copropriétaire déterminé. Les parties privatives sont la propriété exclusive de chaque copro- priétaire.
Art 3: Sont communes les prities des bâtiments et des terrains affectées à L' usage ou à L' utilitié de tous les copropriétaires ou de plusieure d'entre eux.
Dans le silence ou la contradiction des titres, sont réputés com- munes:
Le sol, les cours, Les parcs et jardins, les voies d'accés;
Le gros œuvre des bâtiments. Les élements d'équipment commun. Y compris les parties de canalsations Y afférentes qui traversent des locaux privatifs;
Les coffres, gaines et têtes de Cheminées;
Les locaux des services communs;
Les passages et corridors;
Sont réputés droit accessoires aux parties communes ..... etc.
Art 7: "Les cloisons on murs, Séparant des parties privatives et non compris
dans le gros œuvre, Sont présumés mitoyens entre les locaux qu'ils
séparent".
وهذا المعيار نصت عليه أيضًا المادة ٨٥٦ مدني مصري (۱ - إذا تعدد ملاك طبقات الدار أو شققها المختلفة فإنهم يعدون شركاء في ملكية الأرض وملكية أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك بين الجميع وبوجه خاص الأساسات والجدران الرئيسية والمداخل والأفنية والأسطح والمصاعد والممرات والدهاليز وقواعد الأرضيات وكل أنواع الأنابيب إلا ما كان منها داخل الطبقة أو الشقة. كل هذا مالم يوجد في سندات الملك ما يخالفه 3000 - والحواجز الفاصلة بين شقتين تكون ملكيتها مشتركة بين أصحاب هاتين الشقتين). وهذه المادة كانت منقولة من المادة الخامسة من قانون ۲۸ يونيو ۱۹۳۸ الفرنسي السابق.
وانظر سيزار بند ۳۱ وموسوعة داللوز بند ١٥ وأحمد سلامة ص ٤٤٦، وإسماعيل غانم ص ٣٤٩ (والعبرة بالإعداد للاستعمال المشترك لا بالاستعمال الفعلي) وجميل الشرقاوي ص ۱۸٦ و۷۱۷ وعبد المنعم البدراوي ص ٢٥٠ ولبيب شنب ص ۳۲۹.
[16] برنارد السابق ص ۸۷ وجوليو ص ۲۸، وموسوعة واللوز بند ۲۹.
وأحمد سلامه ص ٤٤٧ والسيد المغازي ص ۲۹ وجميل الشرقاوي ص ١٨٦ وحسن كيره ص ٢٥٣.
وعبد الرزاق السنهوري جـ ۸ ص ۱۰۱۸ وعبد المنعم البدراوي ص ٢٥٧ ومحمد لبيب شنب ص ۲۲۹.
[17] ما لم تعتبر الشرفة من الأجزاء الرئيسية للمبنى وعندئذ تعد من الأجزاء المشتركة – موسوعة داللوز ۱۹۷۵ المرجع السابق بند ۲۸.
[18] موسوعة داللوز ۱۹۷۵ بند ۱۸.
[19] سيزار - المرجع السابق بند ٢٦، وموسوعة داللوز بند ۱۷
[20] موسوعة داللوز بند ۲۰ وأحمد سلامه ص٤٤٩.
[21] البدراوي ص 250.
[22] أحمد سلامة ص ٤٤٩ وجميل الشرقاوي ص ۱۸۶ و۱۸۷ وحسن كيره ص ٢٥٣ وعبد الرزاق السنهوري ج ۸ ص ۱۰۱۹ وعبد المنعم البدراوي ص ۲۵۰ ومحمد لبيب شتب من ۳۲۹.
[23] برنارد ص ۹۱. وكان هناك رأى آخر في فرنسا يذهب الى أن مالك الشقة يملك أرضيتها على أساس أن المادة ٦٦٤ مدني فرنسي تجعل تكاليف الأرضية على من يمشى عليها، تم صدر قانون ۱۹۳۸ م ثم قانون ١٩٦٥ م وكلاهما صرح باعتبار قواعد الأرضية من الأجزاء المشتركة.
[24] قياسًا على الحائط الفاصل بين شقتين، السنهوري ج ۸ ص ۱۰۲۰.
[25] وقد أغفل نص المادة ٨٥٦/1 مدني مصري ذكر السلم بين الأجزاء المشتركة وكان واردًا في المشروع التمهيدي، وجاء هذا الإغفال سهرًا لأنه حذف في لجنة المراجعة دون سبب ظاهر لحذفه (مجموعة الأعمال التحضيرية جـ ٦ ص ١٥٥ - ١٥٨) على أن المادة ٨٥٦/1 مدني مصري صرحت باعتبار المساعد من الأجزاء المشتركة، ويمكن أن يدخل فيها السلم، إذا فسرنا المساعد بأنها المصاعد الكهربائية وغير الكهربائية.
وكان في فرنسا قبل صدور قانون ۱۹۳۸م رأي يذهب إلى أن صاحب الطبقة يملك السلم الموصل إلى طبقته ابتداء من الطبقة التي تحته مباشرة فلا يملك صاحب الطبقة الأرضية شيئًا في السلم. ولأصحاب الطبقات العليا حق ارتفاق على أجزاء السلم أسفل منهم. انظر جوليو بند ۲۹.
[26] وهذا هو حكم القانون الفرنسي الحالي. جيفورد وجيفوردن في موسوعة داللوز بند ۲۱، وهذا هو أيضًا حكم القانون المدني المصري الحالي ٨٥٦/1 منه، أما في القانون المدني المصري السابق، فكان السطح ملك لصاحب الطبقة التي يعلوها هذا السطح باعتباره من مختلف طبقته (م ٣٦/57 منه).
[27] موسوعة داللوز بند ٢٤.
[28] وهذا ما تنص عليه. م 5 قانون 10 يوليو 1965 بفرنسا:
Art 5: "Dans le silence ou la contradiction des des titres la quote-part des parties communes afférente à chaque Lot est proportionelle à la valeur relative de chaque partie privative par rapport à l'ensemble des valeurs desdites parties, telles que ces valeurs résultent lors de l'établissement de la copropriété, de la consistance, de la superficie de la situation des lots, sans égard a leur utilistaion."
وواضح من النص أن قيمة الشقة تحسب وقت إنشاء الملكية المشتركة انظر ساباناك بند ۳۰۳ وسيزار بند ٥٢ وموسوعة داللوز بند ۳۲-٣٥ وإشارة إلى حکم استئناف باريس في ٧ يناير ١٩٦٩م. وتنص مادة ٨٥٦/2 مدني مصري على أنه: (وهذه الأجزاء المشتركة من الدار لا تقبل القسمة ويكون نصيب كل مالك فيها بنسبة قيمة الجزء الذي له في الدار، وليس لمالك أن يتصرف في نصيبه هذا مستقلاً عن الجزء الذي يملكه). وقد اختلف شراح القانون المصري حول الوقت الذي تتحدد فيه قيمة هذا الجزء، فذهب جمهورهم إلى أن العبرة بوقت إنشاء المبنى: أحمد سلامة من ٤٥١ واسماعيل غانم من ٣٥٦ و٣٥٧ وجميل الشرقاوي من ۱۸۸ والسنهوري چـــــ ۸ ص ۱۰۲۱، ويعتد عند البعض بكل تغيير خارجي أو داخلي - محمد على عرفه ص479 و٤٨٠، ويعتد عند البعض الآخر بالتغيير الخارجي فقط - السيد المغازي من ٢٤ و٦٤ والبدراوي بند ۱۸۷. ورأى الجمهور يضبط الحكم ويحتمله تفسير النص وهو الرأي الذي صرح به القانون الفرنسي الحالي الصادر سنة ١٩٦٥م.
[29] هوك في كتابه Commentaire théorique et pratique du code civil, V. 4, No. 351.
وأشار إليه السيد المغازي - المرجع السابق من ص ٢٢ وما بعدها.
[30] فقد كانت حجة أصحاب هذا الرأي أن المادة ٦٦٤ مدني فرنسي التي كان يستند إليها في تنظيم ملكية الشقق والطبقات، وردت في باب الارتفافات مما يعنى أن المشرع الفرنسي يعتبر حق مالك الشقة على الأجزاء المشتركة حق ارتفاق. وهذه الحجة كانت محل نظر على أساس أن المشرع الفرنسي عندما وضع المادة ٦٦٤ في باب الارتفاقات، لم ينظم حقوق ملاك الطبقات وإنما نظم التزاماتهم، وبالتالي لم يجعل لكل منهم حق ارتفاق على الأجزاء المشتركة وإنما فرض عليهم التزامات. ولهذا ورد نص المادة ٦٦٤ ضمن النصوص الخاصة بالحائط المشترك وما يفرض على ملاكها من التزامات. ولما كان المشرع يعتبر ملكية الحائط المشترك على الشيوع، فإن اعتبار الأجزاء المشتركة مملوكة على الشيوع أولى من تقرير حق ارتفاق عليها. برودون Proudhon في كتابه Traité de la propriété-2-299.
[31] استئناف مختلط ۸ مارس ۱۹۱۷ بلتان ٢٦ - ۲۷۲.
[32] انظر:
Chevallier, Commentaires de la loi du 28 Juin 1938, D. P. 1939 4, 78.
[33] انظر:
Givord et Giverdon, La Copropriété, 1968, No. 153.
[34] سنبزار بند ٤٦ ونقض فرنسي ۲۱-۱۱-١٩٥٥ جازيت دي باليه ١٩٥٦-١-٥٢.
[35] أحمد سلامة ص ٤٤٧ وما بعدها، اسماعيل غانم بند ١٤٩، السيد المغازي ص ٩٣ و٩٤ وجميل الشرقاوي ص ١٨٦ وما بعدها وعبد الرزاق السنهوري جـ ۸ ص ۱۰۲۳ ومحمد لبيب شب من ۳۲۹ وما بعدها.
[36] ويجوز استثناء لمالك أي شقة اجراء تعديل في الأجزاء المشتركة بدون موافقة الملاك أو اتحادهم عند توافر شروط أربعة هي: أ- أن يتم ذلك على نفقته. ب- أن يكون من شأن التعديل الذي يقوم به تسهيل استعمال الأجزاء المشتركة. جــــ - وألا يغير التعديل من تخصيص هذه الأجزاء. د - وألا يلحق التعديل ضررًا بملاك الشقق الأخرى. وذلك كان يبدل أنابيب المياه بأنابيب أوسع لتصل المياه إلى شقته في جميع الأوقات، أو أن يقيم شرفة في شفته. انظر أحمد سلامة من ٤٥٢ و٤٥٣ وجميل الشرقاوي من ۱۹۰ وعبد المنعم البدراوي ص ٢٥٣ و٢٥٤ ومحمد لبيب شنب ص ۳۳۱.
[37] انظر موسوعة داللوز المرجع السابق. بند 125 – 209.
[38] ويؤخذ هذا كله من كثير من النصوص منها: في المغني لابن قدامه4/457 و٤٥٨ (وإن تنازع صاحب العلم والسافل في حوائط البيت السفلاني فهي لصاحب السفل، لأنه المنتفع بها وهي من جملة البيت فكانت لصاحبه. وإن تنازعا حوائط العلو فهي لصاحب العلو لذلك). وفي الإقناع 2/٢٠٦ (لو اتهدم سقل علوه لغيره انفرد صاحب السفل ببنائه وأجبر عليه وإن كان على العلو طبقة ثالثة فصاحب الوسط مع من فوقه كمن تحته معه). وقس على ذلك سائر الأدوار العليا. ولا ينفرد صاحب السفل ببناء سقله إلا إذا كان يملك جميع حوائطه وما يداخل الشقة إلخ وكذلك صاحب الشقة الوسط.
[39] ومن النصوص في ذلك نص مفتي المحتاج جـ ۷ ص ۱۹۲: / لو كان السفل لأحدهما والعلو لأخر وتنازعا في الدهليز أو العرضة، فمن الباب إلى المرقى (السلم) مشترك بينهما، لأن لكل منهما يدا وتصرفا بالاستطراق ووضع الأمتعة وغيرهما، والباقي للأسفل لاختصاصه به يدا وتصرفا)
[40] لقد كان السلم في العصور السابقة يتخذ عدة أشكال، فقد يكون السلم عبارة عن سلم خشبي يسند إلى الحائط للصعود عليه وقد يكون درجات خشبية تسمر أو مجرد قطعة خشب تسمى دكة، وقد يكون السلم مبنيًا وتحته غرفة للمبيت تسمى بينا، وقد يكون تحت السلم مخزن للمياه يسمى طاق أو خزان. فإذا كان الانتفاع بالسلم خاصًا بطابق معين فهو لمالك هذا الطابق، وإن كان الانتفاع به مشترکًا فهو من الأجزاء التي يملكها المنتفعون به ملكية شائعة ففي المغني لابن قدامه جـ ٤ ص ٤٥٨ (وإن تنازع صاحب العلم والسفل في الدرجة التي يصعد منها، فإن لم يكن تحتها مرفق لصاحب السفل، كسلم مسمرًا أو دكة، فهي لصاحب العلو وحده لأن له اليد والتصرف وحده، لأنها مصعد صاحب العلو لا غير والعرصة التي عليها الدرجة له أيضًا لانتفاعه بها وحده، وإن كان تحتها بيت بنيت لأجله لتكون مدرجًا للعلو فهي بينهما، لأن يديهما عليه ولائها سقف للسفلاتي وموطئ للفوقاني فهي كالسقف الذي بينهما. وإن كان تحتها طاق صغير لم تبن الدرجة لأجله وإنما جعل مرفقا يجعل فيه حب الماء ونحوه، فهي لصاحب العلو لأنها بنيت لأجله وحده، ويحتمل أن يكون بينهما لأن يدهما عليها وانتفاعهما حاصل بها فهي كالسقف).
وفي حاشية القليوبي (مع عميرة) جـــــــــ ٢ ص ۳۱۸) لو تنازعا في المرقى (السلم) صدق صاحب العلم أنه له لأنه المحتاج إلى وضعه) وفى معنى المحتاج 3/۱۹۳: (إن كان المرقى مثبتًا في موضعه كالسلم المسمر فلصاحب العلو لأنه المنتفع به، وكذا إن كان مبنيًا ولم يكن تحته شيء، فإن كان تحته بيت فهو بينهما كسائر السقوف أو موضع جرة أو نحوها الصاحب العلو عملاً بالظاهر مع ضعف منفعة الأسفل).
[41] في المغني لابن قدامة جـ ٤ ص ٤٥٨: وإن تنازعا السقف تحالفا، وكان بينهما. (عند الحنابلة). وبهذا قال الإمام الشافعي. وقال أبو حنيفة: هو لصاحب السفل. لأن السقف على ملكه. فكان القول قوله، كما لو تنازعا سرجا على دابة أحد هما كان القول قول صاحبها. وحكى عن مالك: أنه الصاحب السفل، وحكى عنه أنه لصاحب العلو، لأنه يجلس عليه ويتصرف فيه ولا يمكنه السكني إلا به، ولنا أنه حاجز بين ملكيهما ينتفعان به غير متصل ببناء أحدهما اتصال البنيان فكان بينهما، كالحائط بين الملكين، وقولهم: هو على ملك صاحب السفل يبطل بحيطان العلو. (أي أن حيطان العلو على حيطان السفل ولا تعتبر ملكًا لصاحب السفل رغم أنها على حيطان يملكها صاحب السفل) ولا يشبه السرج على الدابة لأنه لا ينتفع به غير صاحبها ولا يراد إلا لها فكان في يده. وهذا السقف ينتفع به كل واحد منهما لأنه سماء صاحب السفل يظله وأرض صاحب العلو تقله فاستويا فيه. (وهذه العبارة الأخيرة تبين أن الانتفاع المشترك هو معيار ثبوت الملكية الشائعة في ملك الشقق والطبقات. كما رأينا أن الانتفاع الخاص هو معيار ثبوت الملكية المفرزة في ملك الشقق والطبقات. ففي المغنى أيضًا ٤٥٧/٤ و٤٥٨) إن تنازع صاحب العلو والسفل في حوائط البيت السفلاتي فهي لصاحب السفل لأنه المنتفع بها وهي من جملة البيت فكانت لصاحبه.
[42] في مغنى المحتاج 2/187) والجدار بين مالكين قد يختص به أحدهما، وقد يشتركان فيه). فيختص به أحدهما إذا كان مبنيًا لشقته فحسب ويشتركان فيه إذا كان فاصلاً بين الشقتين.
وعبر الفقه الإسلامي عن ذلك بما كان معروفًا من هذه المرافق المشتركة من قديم، ومن النصوص في ذلك، في الاقناع 2/207 (إذا كان نهر أو بئر أو دولاب أو ناعورة أو قناة بين جماعة واحتاج إلى عمارة.. كان غرم ذلك بينهم على حسب ملكهم فيه، ويجبر الممتنع، وليس لأحدهم منع صاحبه من عمارته).
[43] في حاشية ابن عابدين 5/444 (لكل من صاحب السفل والعلو حق في ملك الآخر. لذي العلو حق قراره ولذي السفل حق دفع المطر والشمس عن السفل ١٠ هـ ٠٠ ثم لو هدم ذو السفل سفله، وذو العلو علوه، أخذ ذو السفل ببناء سفله إذ فوت عليه حقًا الحق بالملك فيضمن كما لو قوت عليه ملكًا).
[44] في حاشية ابن عابدين 5/188 هذه (الأحكام تبنى على العرف، فيعتبر في كل إقليم وفي كل عصر عرف أهله).