مشروعية المقاومة الفلسطينية

By أ. د. عائشة راتب تشرين1/أكتوير 12, 2023 208 0

نُشرت هذه الدراسة من قبل الاتحاد الاشتراكي العربي، (أمانة الفكر والدعوة والشئون الدينية، المعهد العالي للدراسات الاشتراكية)، وأصلها مستخرج من “دراسات القانون الدولي”، المجلد الثاني، 1970م.

والكاتبة هي أ. د. عائشة راتب (1928-2013م)، أول سفيرة مصرية وثاني سفيرة عربية، وأول معيدة في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وأول أستاذة للقانون الدولي في مصر، ووزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية، والحاصلة على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، ولها مؤلفات تمثل مرجعًا في تخصصها.

وقد جاء في مقدمة الدراسة ما يلي:

يتخذ نزاع الشرق الأوسط حاليًا أبعادًا تتعدى أبعاد المنازعات المحلية، وإذا كانت الصفة العسكرية المحلية قد غلبت عليه حتى الآن، فإن العوامل والمؤثرات الهامة المحيطة به لها أثر كبير على العلاقات الدولية المعاصرة، ولعل هذا ما يفسر لنا تفاقم الإحساس بضرورة إيجاد حل لنزاع الشرق الأوسط كمقدمة لتخفيف حدة الأزمة العالمية العامة.

وقد زادت التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة من حدة وحجم هذا النزاع خصوصًا بعد أن زاد اهتمام الاتحاد السوفيتي بالمنطقة العربية، وبعد أن هجرت الولايات المتحدة سياسة العزلة التقليدية التي سارت عليها ما يقرب من قرنين من الزمان، وظهرت إيجابيًا في محيط العلاقات الدولية، كما ساعد في تأزم الموقف الفهم الخاطئ لدى الرأي العام العالمي لطبيعة المجتمع الفلسطيني وجهله المطبق بتاريخه وظروفه السياسية والاجتماعية، وهو ما أدى إلى تجاهل الجماعة الدولية عام ١٩٤٧م لحقوق الشعب الفلسطيني في وطنه وإهمالها اتخاذ الخطوات العملية لتمكينه من استعادة أراضيه.

ويضفى الوضع الجغرافي والاستراتيجي للمنطقة العربية أهمية قصوى على هذا النزاع: فهي المنطقة التي تتصارع فيها حاليًا القوى الاستعمارية التقليدية -وتنظر إلى منطقة الشرق الأوسط كمنطقة نفوذ تقليدية لها- والاتحاد السوفيتي الذى وضع الخطوط العريضة لسياسته في المنطقة على أساس حق الشعوب في تقرير مصيرها، وقدم بالتالي المعونة والمساعدة لكل من طلبها من الدول العربية.

غير أن حرب يونيو عام ١٩٦٧م -وهى حلقة من سلسلة الحروب التي عاناها العالم العربي منذ عام ١٩٤٨م- بدأت مرحلة جديدة في نزاع الشرق الأوسط، والمشاهد أن الجماعة الدولية حاليًا تبذل الجهد لإيجاد تسوية سلمية لهذا الصراع رغم استمرار المعارك الحربية، ولعل سبب ذلك أن الحرب الأخيرة لم تحقق الأهداف المرجوة منها، فضلاً عن رغبة القوى الدولية الكبرى -رغم مواقفها المحددة ورغم وجود تفاهم شبه ضمني بینها على حصر الحرب في نطاق الحروب التقليدية المحدودة وعدم التورط فيها بما يهدد بتحويلها الى حرب عالمية- في إيجاد حل للنزاع وأخيرًا ظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة كعنصر مؤثر فيه، والعوامل السابقة -نتيجة الحرب غير المتوقعة وتردد القوى الكبرى في تصعيد العمليات العسكرية، وظهور المقاومة الفلسطينية المسلحة لابد أن تؤدى -في نظرنا- إلى إعمال الفكر وإيجاد الظروف المواتية لإيجاد تسوية عادلة لهذا النزاع.

وقد يعتقد البعض أن هزيمة يونيو عام ١٩٦٧م قد أنهت مقاومة الحكومات العربية، غير أن هذا الاعتقاد -ولو كان صحيحًا- لا يعنى بتاتًا عودة السلم إلى منطقة الشرق الأوسط، فقد أثبتت التجارب التي خاضتها شعوب سابقة أن الحلول العسكرية لا تحقق دائمًا النتائج المطلوبة إذا لم يرتكز الحل النهائي على أساس من العدل والقانون.

وواقع الأمر أن إيجاد الحل للمشكلة يتطلب دراستها دراسة عميقة وإعادة تقدير وتقييم النظريات التي بنيت عليها مما يساعد على إيضاح الرؤية وتحقيق الحل المتوازن السليم، وإذا كانت قرارات الأمم المتحدة التي أعقبت عدوان يونيو المسلح قد أهتمت بصفة رئيسية بالعمل على وقف إطلاق النار، فإنها لم تتضمن الأمر بالانسحاب، ويمثل قرار مجلس الأمن الصادر في نوفمبر عام ١٩٦٧م مجهودًا له قيمته، وإن كان قد اكتفى بتحديد الخطوط الرئيسية للتسوية السياسية ولم يضع الخطوط العملية التي تكفل تنفيذه.

ونحن لا نهدف من دراستنا اليوم إلى التعرض للمشكلة بالتفصيل -فقد سبق للفقه العربي أن تعرض لها كما تعرضنا لها في كثير من كتاباتنا السابقة- وإنما تقصر البحث اليوم على الجانب الخاص بالمقاومة الفلسطينية المسلحة التي تستهدف وفقًا للتصريحات التي أدلى بها السيد/ ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية إلى “إزالة آثار عدوان ١٩٤٨م، وإقامة دولة فلسطينية يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود معًا”.

ولا شك أن تحديد الوضع القانوني للمقاومة العربية المسلحة أمر له أهميته القصوى في الظروف الحالية التي تمر بها الجماعة الدولية، ولهذا فنحن لن نقتصر في هذا البحث على دراسة المقاومة المسلحة بمعناها الضيق الذي ارتبط دائمًا في الفقه الدولي بالاحتلال العسكري، وإنما سنعرض لها أيضًا بمعناها الواسع، ولا شك أن ذلك يثير مجموعة من المشاكل القانونية نتعرض لها في هذا البحث. فما هي طبيعة الوجود الصهيوني في فلسطين؟ وما هو الوضع القانوني للمقاومة العربية المسلحة في الأراضي المحتلة؟ وما هو الوضع القانوني للمقاومة الفلسطينية المسلحة؟ وما هي الآثار القانونية التي تترتب على الإقرار بمشروعية المقاومة الفلسطينية؟

تقسيمات الدراسة:

  • مقدمة.
  • الفصل الأول: الوضع القانوني للمقاومة المسلحة في الأراضي المحتلة.
  • الفصل الثاني: الوضع القانوني للمقاومة الفلسطينية بمعناها الواسع.
  • خلاصة البحث.

رابط مباشر لتحميل الدراسة

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الجمعة, 07 آذار/مارس 2025 18:13

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.