سلط الباحث سعدون شيب الضوء في هذا البحث على معالم التجديد الفقهي عند شخصية فقهية كبيرة في العصر الحديث ألا وهو الشيخ “مصطفى أحمد الزرقا”، وتبرز أهمية الكلام عن التجديد الفقهي عند علم من أعلام الفقه المعاصر في أن هذا الفقه يحتاج إلى تجديد كي يكون صالحا للتطبيق وموفيا بحاجات العصر وناهضا بريادة الأمة الإسلامية، وقد اهتم الباحث بإبراز معالم التجديد عند هذه الفقيه الذي عده بعض الباحثين مجدد الفقه في العصر الحديث، فلا يكاد يخلو كلام باحث في التجديد الفقهي إلا ويكون للشيخ الزرقاء فيه الحظ الأوفر من الذِّكرً، وكذلك فإن إبراز معالم التجديد عنده يعطي آفاقا تفيد مريد التجديد بعده، خاصة بعدما مر الفقه الإسلامي بٕحالة من الجمود استدعت التجديد فيه كي يواكب العصر، ويهدف الباحث إلى تسليط الضوء على موضوع التجديد في الفقه الإسلامي وما يقبل منه وما يردُّ، وإنضاجً الكلام في مسائله والتقنين والتنظير من خلال ما كتبه هذا العالم وتجربته المميزة مع التجديد.
وقد قسم الباحث بٕحثه إلى فصل تمهيدي؛ حول التعريف بالشيخ الزرقاء ومفاهيم عن التجديد الفقهي، وفي الفصل الأول تناول فيه ما اهتم به الشيخ اهتماما كبيرا وكرس حياته لأجله ألا وهو التجديد في صياغة المادة الفقهية ممثلة في النظريات والموسوعات الفقهية، وتطرق في الفصل الثاني إلى نظرة الزرقاء إلى تقنين الفقه الإسلامي حيث جعل له حيزا كبيرا من كتاباته للكلام عن التقنين واعتبره هو السبيل لجعل الفقه الإسلامي قابلا للتطبيق، وتناول الباحث في الفصل الثالث تجديد الزرقاء في الفتوى من حيث الشكل ومن حيث إصدار الحكم والاجتهاد وأعطى الباحث بعضا من فتاويه التجديدية في القضايا المعاصرة، بينما كان الكلام في الفصل الرابع عن قضايا مهمة شغلت حيزا من الفكر الفقهي للشيخ الزرقاء وهي التقعيد الفقهي وفقه المصارف والاقتصاد الإسلامي والمجامع الفقهية. وقد توصل الباحث إلى جملة من النتائج أهمها أن الشيخ مصطفى الزرقاء من المجددين في العصر الحديث، وأن أهم ما تطرق إليه في تجديد الفقه تجديد الصياغة الفقهية متمثلة في النظريات الفقهية والقواعد الفقهية، والتقنين الفقهي الذي اهتم به كثيرا وأسس له ونظر لمسائله، وكذلك كان من المجددين في الفتوى شكلا ومضمونا، وكانت له تفردات واجتهادات في قضايا فقهية معاصرة عرف بها سواء في القضايا الاقتصادية والطبية وغيرها، وكانت له مشاركات في الموسوعات الفقهية بل كان من المؤسسين لها ومن الذين لهم الفضل في إنشائها