تعد المشتقات المالية على اختلاف أنواعها إحدى أهم الابتكارات المالية الحديثة الاستعمال في الأسواق المالية، وقد حظيت بقبول واسع، وأصبحت من أهم المجالات الاستثمارية في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، حيث ساهم في انتشارها العديد من العوامل أهمها: العولمة، والتطور التكنولوجي والمعلوماتية، وكذا المنافسة الشديدة بين المؤسسات المالية والاستثمارية، وقد كان الهدف من استعمال المشتقات المالية تمكين المؤسسات المالية من إدارة المخاطر التي تواجهها، غير أن الواقع أثبت عكس ذلك؛ فهي تنطوي على مخاطر كبيرة من شأنها تدمير النظام المالي العالمي بأكمله، وخير دليل على ذلك الأزمة المالية العالمية 2008م، التي لعبت المشتقات المالية دورا كبيرا في إحداثها؛ نتيجة لاعتمادها على التوقعات (القمار)، واستخدامها بهدف المضاربة غير المشروعة في الأسواق المالية من طرف مختلف المتعاملين، و بالأخص الصفقات التي تتم في الأسواق غير المنظمة، لعدم وجود ىيئة مسؤولة عن تنظيم أعمالها، والرقابة على تداولاتها.
ومع سعي متخذي القرارات على مستوى العالم إلى البحث عن البدائل اللازمة، و الحلول الناجعة لتجاوز المشاكل التي وقع فيها الاقتصاد العالمي عامة، و الاقتصاديات الرأسمالية خاصة، يظهر جليا أن الاقتصاد الإسلامي بأدواته و مؤسساته و آلياته كفيل بإعادة الاقتصاديات القومية ثم الاقتصاد العالمي إلى المسار الصحيح، نظرا لقيامه على ضوابط و أسس شرعية محددة لا يمكن الإخلال بها.
بين يدينا أطروحة دكتوراة للباحثة وناسة حامدي نوقشت في قسم الشريعة بكلية العلوم الإسلامية بجامعة باتنة.