حوار مع المستشار طارق البشري حول واقع المؤسسات الدستورية وحال القانون في مصر عام 2006*

By أجرى الحوار: أ. محمود الزاهي شباط/فبراير 28, 2024 481 0

 

كل شيء يغلي في مصر الآن، وكل المصريين يعرفون أن شيئًا سيحدث، وأن شيئًا يجب أن يحدث، حتي يتوقف الغليان، وحتي لا تنفجر الأوضاع، ولكن ليس هناك من يعرف علي وجه الدقة ماذا يحدث الآن ليس هناك من يعرف إلى أين نحن ذاهبون فكل الأحداث والأزمات تتلاحق: من أزمة القضاة إلى أزمة الصحفيين إلى أساتذة الجامعات، مرورًا بزيادة المظاهرات وتكاثر الاعتقالات والاحتقانات الطائفية التي أصبحت تتكرر علي أوقات متقاربة، وفي مواضع متفرقة من الجسد المصري.

هناك شيء يتغير، أو في طريقه إلى التغيير، ولكن أعراض هذا التغيير تشبه الحمي، فتقلق الكثيرين، وتشعرهم بعدم الأمان، لذلك بحثنا عمن يقدر علي تشخيص هذه الحالة فلم يكن هناك أقدر من المفكر المستشار طارق البشري، فهو إضافة إلى كونه قانونيًا بارزًا مفكر وباحث مهم في شؤون المواطنة، وله احتكاك كبير بمختلف فئات الشعب المصري.

قلنا له: هناك من يري أن بروز شخصيات عامة داخل نادي القضاة خلق مخاوف لدي النظام من خروج مرشح رئاسي من النادي.. فقال: لا أظن هذا على الإطلاق، لأن زكريا عبد العزيز ومكي لا يمارسان السياسة، وما يقومان به ليس عملاً سياسيًا، فهما يذودان عن عملهما الوظيفي وعندما تذود عن عملك الوظيفي وعن أدبيات هذا العمل وتريد أن تمارسه بحق دون زيف فهذا ليس عملاً سياسيًا، لكنه عمل مهني يتعلق بممارسة القضاء ووسائله وأساليبه ولا توجد به شبهة عمل سياسي، ثم إن عبد العزيز ومكي والخضيري وغيرهم من الجيل الذي نعايشه هم امتداد لمن سبقهم من القضاة أمثال يحيي الرفاعي وممتاز نصار فهي كلها أجيال تواصل الدور.

انتهت المحاكمة التأديبية للمستشارين مكي والبسطويسي إلى تبرئة الأول وتوجيه اللوم للثاني فهل يعني ذلك أن أزمة القضاة قد انتهت؟

لم تكن القضية إحالة المستشارين الجليلين مكي والبسطويسي إلى مجلس التأديب هذه تفريعة من تفريعات الأزمة وليست أصل الموضوع، لذلك لم ينته شيء فأصل المشكلة مازال موجودًا، ويتمثل كما حدد النادي وكما عرف الرأي العام في أمرين الأول: أن القضاء يسعى من خلال نادي القضاة إلى استكمال استقلاله عن وزارة العدل من خلال تعديل قانون السلطة القضائية بما يرفع سلطة وزارة العدل عن إدارة شؤون المحاكم والقضاء، ومشروع القانون مقدم منذ عام 1991.

الأمر الثاني: هو كيفية إشراف القضاء علي الانتخابات بأسلوب يوفر له النزاهة اللائقة والجديرة به، دون تدخل من جهة أخري، ودون أن يضغط عليه أحد أو تزيف إرادته وهذان هما المرضان الأساسيان، وهما علي حالهما إلى الآن، ولم يحدث بالنسبة لهما شيء، لذلك لا تزال المعركة محتدمة.

وما رأيك في لوم المستشار البسطويسي؟

لا أعرف المستشار البسطويسي معرفة شخصية لكنني أعرفه من خلال أحكامه وما كتبه، وأعرف علمه وفضله وأنه في دائرة نقض ذات شأن، ونحن نقدر جهده العلمي وأرسل له في مرضه كل الدعاء بالشفاء، أما بخصوص اللوم الذي وقع في حق المستشار الجليل فلا أجد إلا أن أقول إنه يؤسفني جداً أنني عشت إلى أن رأيت لومًا يقع على علم من أعلام محكمة النقض؛ لأنه وقف وقفة يذود بها عن الحق، ويعكس بها حرص القضاء علي ممارسة نشاطه بغير زيف أو ادعاء.

وهل هذه الأزمة جديدة في تاريخ العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية؟

في العهد الملكي كان هناك نوع من العلاقة بين وزارة العدل والقضاء يتمثل في الإشراف علي إدارته، إلا أن وزارة العدل كانت ضعيفة ولم تكن تحكم قبضتها علي القضاء كما حدث خلال السنوات العشرين الماضية، وطوال العمل بدستور 23 أي على مدار 30 سنة تقريبًا منذ 1923 وحتي 1952 تولى وزارة العدل 38 وزيرًا، أما خلال الـ25 سنة الماضية فقد تولى الوزارة 4 وزراء منهم وزير لأكثر من 16 سنة، فاستقرت الأوضاع وتغولت السلطة التنفيذية وتشخصنت الوظائف وأديرت من جانب السلطة التنفيذية بشكل خلق قدرًا كبيرًا من الهيمنة الشخصية والذاتية على مقدرات المؤسسات التي يفترض أن تقوم بدورها بعيدًا عن الشخصنة وبشكل موضوعي.

وفي عهد عبد الناصر كانت الدولة شمولية، وتم دمج السلطة التشريعية في السلطة التنفيذية، وعلي صعيد القضاء كان عبد الناصر لديه من القوة السياسية ما يجعله يستطيع أن يبرر لنفسه سياسيًا أن يقتطع من الاختصاص القضائي ليجعل هناك محاكم استثنائية في القضايا السياسية وفقًا لما يراه في صالحه السياسي، كما كان باستطاعته أن يصدر قوانين بإرادته تمنع المحاكم من نظر موضوعات معينة، وقد اكتفي بهذا الأمر حتي عام 1969، ولم يدخل في أمر غيره، لأن ذلك كان يحقق له منطلقاته السياسية، وفيما عدا ذلك فقد ترك القضاء في حاله فيما يتعلق بالقضايا العادية واليومية، وبقي القضاء دون أن يضغط عليه أحد إلى أن حدثت المذبحة في عام 69.

والخلاصة أن الأسلوب الذي يتبع اليوم في القضاء مختلف تمامًا عن الأسلوب الذي كان يتبعه عبد الناصر.

لم نكن نسمع قبل الآن أن قضايا الخلاف بين وزارة العدل والنادي تُصاغ علي أنها خلاف بين القضاة وبعضهم، فلم يكن الأمر هكذا أبدًا في أي وقت مضى، وما يحدث حاليًا مرجعه إلى نفوذ وزارة العدل علي بعض القضاة.

وبالنسبة للرئيس مبارك لماذا يصر في رأيك علي عدم التدخل في الأزمة؟

هذا الأمر يأتي اتباعًا للسياسة ذاتها التي تقوم على أن ما أريد أن أفعله إنما أفضل أن يتم بواسطة غيري، وأن يظهر غيري كما لو كان هو الذي يمارس هذا العمل وليس «أنا» هذه هي السياسة المتبعة.

وهل تعتقد أن يستمر مسلك الدولة في ترهيب القضاة؟

أنا لا أجد في مسلك الدولة أي قدر من المرونة والقدرة علي الاستيعاب الذي يتعين أن يكون موجودًا لقيادة دولة مترامية الأطراف بأجهزتها المتعددة مثل مصر وأظن أن هذا الأمر سيبقي علي ما هو عليه.

بعيدًا عن القضاة هناك ملف آخر لا يقل سخونة وهو الملف القبطي.. في رأيك لماذا تعددت الأزمات الطائفية مؤخرًا؟

المشكلة من وجهة نظري أن هذا الأمر وضع اليوم وضعًا خاطئًا بعدما كان موضوعًا من قبل في وضع أتصور أنه كان صحيحًا، إذ عندما تضع مسألة المسلمين والأقباط والعلاقة بينهما في إطار المواطنة المصرية التي تقوم علي أساس المساواة الكاملة والمشاركة التامة بينهما في كل أمر يتعلق بهذا البلد في سياساته وإدارته وفي التمتع بخيراته مع الالتزام بالواجبات، وأن أي فروق في هذا الشأن وهي توجد أحيانًا علينا أن نتشارك جميعًا مسلمين ومسيحيين في حلها وإذابتها، وهو واجب علينا جميعًا شريطة أن توضع المسألة في إطار المساواة والمشاركة، وأن يجري هذا الأمر بين المواطنين بوصفهم مواطنين سواء مسلمون أو مسيحيون، ومن هنا فأساس المساواة والمشاركة يتحقق به الاندماج الكامل.

وهل تتفق مع الرأي الذي يقول بانحسار الاندماج في الجماعة الوطنية عما كان عليه في الماضي؟

المشكلة تنبع من أن الإدارة الكنسية المصرية هي التي تسيطر علي الشأن القبطي وتستبد به دون أي مجال آخر، فلم نعد نجد نشاطًا قبطيًا في الأحزاب السياسية المختلفة بالشكل المناسب ولا نجد ذلك في الجمعيات، فاليوم أصبحت الإدارة الكنسية القبطية هي التي تسيطر علي هذا الأمر، وهو ما يثير من ناحيتي شيئًا من الإحساس بالخطر، لأنه يجعل الكنيسة تبدو كما لو كانت تمارس نشاطًا سياسيًا، والأمر الآخر أنها تكون جماعة اجتماعية وسياسية لا أستطيع أن أقول إنها منفصلة وإنما متميزة عن الشعب المصري، وهو أمر يجرح الانتماء الوطني وأرجو من إخواننا الأقباط أن يدركوا هذا الأمر لكي يقاوموه ويمارسوا أنشطتهم بيننا في إطار المصالح والأطر المشتركة دون أن ينعزلوا بهذا الشكل، وأظن أن هناك اتجاهًا قويًا يعمل لذلك بين المدنيين الأقباط وتبدو ملامحه في القليل الذي يصدر أحيانًا مما يكتب ولكن ضغوط الإدارة الكنسية عليهم كثيرة.

وهل رفض الكنيسة للطلاق والزواج الثاني يمثل تحديًا ما لسلطة الدولة المدنية وتشريعاتها وقضائها؟

الحكم القضائي الذي صدر مؤخرًا، ويقضي بحق المطلق القبطي في الزواج الثاني كان مستندًا للوائح الخاصة بالمسيحيين في مصر، ولم يبتدع قاعدة من عنده فهو طبق في هذا الأمر لوائح موجودة منذ الثلاثينيات وهي لائحة 38.

ولكن البابا منذ أن جاء منع الزواج الثاني وحرم علي الكنيسة أن تصرح به في حالات الطلاق التي لا تعترف بها الكنيسة، في حين أن البطاركة السابقين عليه كانوا يجيزون هذا الأمر فلا نستطيع أن نقول إن المسيحية لا تقبل وجهة النظر الأخرى؛ لأن البطاركة السابقين عليه كانوا يقبلون هذا الأمر أما أن يرفض البابا تطبيق حكم قضائي صادر من محكمة قضائية في إطار ولايتها العامة، فهذا الأمر خطير جدًا، وأظن أن الكنيسة الآن طعنت في الحكم، وهذا أمر جيد أن يطعن في الحكم وعلينا انتظار ما ستقضي به الإدارية العُليا في هذا الشأن، أما أن يصرح البابا بأنه يمتنع عن تطبيق حكم، فكيف نعيب بعد ذلك أي جهة في مصر عندما تقول إنها ستمتنع عن تطبيق حكم ما لأنه مخالف للشريعة الإسلامية، وكيف يعارض البابا هذا الأمر وقتها إذا كان هو نفسه قد فعل ذلك.

ولماذا تعاظم دور الكنيسة بهذا الشكل؟

ضعف الدولة هو الذي أدي إلى هذا الأمر فالكنيسة تكاد تكون مؤسسة الانتماء الفرعي الوحيدة في مصر التي لم تسيطر عليها الدولة ولم تضغط عليها لاعتبارات تتعلق بعلاقة الدولة بالخارج وليست لاعتبارات تتعلق بعلاقة الدولة بمواطنيها فقويت الكنيسة علي حساب الدولة هذا جانب، والجانب الآخر أن ظاهرة أقباط المهجر أدت دورًا مهمًا في هذا الشأن، وأقباط المهجر حقيقة ينتمون إلى الكنيسة دينًا لكنهم لا ينتمون إلى مصر وطنًا طالما أنهم تخلوا عن مصر، وبقوا في الخارج أو صارت جنسيتهم الخارجية هي المعول عليها في حياتهم وفي أمورهم كلها، ومن هنا يتعين أن يكون شأن المواطنة المصرية محصورًا بين مسلمي مصر ومسيحييها من المواطنين المصريين القائمين علي أمر هذا البلد.

وعلي صعيد العمل السياسي للأقباط.. لماذا يرفض البابا فكرة وجود حزب سياسي مسيحي؟

لأنه هو حزب سياسي مسيحي.. ولا يريد أن يكون هناك حزب آخر.

تقصد أنه يخشي من وجود معارضة قبطية؟

أتصور ذلك.

يطرح البعض فكرة العلمانية للخروج من الاختناقات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر.. ما رأيك؟

لم تكن العلمانية حلاً قط في مصر وإذا رجعنا إلى الوراء قليلاً وأخذنا ما قال به واضعو مبادئ المواطنة المصرية لوجدنا أن أحمد لطفي السيد وعبد العزيز فهمي وغيرهما كان رأيهم في هذا الأمر أن مصر تكون المواطنة فيها بين المصريين، وإن اختلفت أديانهم، ولكن في الوقت نفسه فإن لمصر دينًا هو دين الغالبية فيها وهو الإسلام باعتبار أن دين الأغلبية هو الذي يحكم الإطار العام لأي مجتمع وهذا ليس كلامي ولكنه كلام لطفي السيد وعبد العزيز فهمي وعلينا أن نحتكم إليهما في هذا الشأن.

هل حقوق الاقباط كاملة رغم أنهم غير موجودين في المراكز الحساسة والقيادية؟

هذا من حقهم، وعلينا أن نسعي إلى تكملته، وهنا يتبادر سؤال هل يوجد مانع يتعلق بالدين يحول دون تولي الأقباط وظيفة معينة؟ والإجابة لا، كما أنه لا يوجد في القانون مانع يتعلق بذلك، وإذا كانت هناك ممارسات بهذا الشكل فعلينا إزالتها.. ومتي اعترفت بالمبدأ فعليك أن ترى تطبيقاته وتنظر فيها بأمانة ونزاهة، وقد سبق أن طبقنا ذلك في مجلس الدولة فكان هناك رئيس لمجلس الدولة مسيحي هو المستشار «حنا ناشد» وقد جاء في ترتيبه العادي وكنا نساند هذه الفكرة ولم تحدث أي مشكلة.

لدى الأقباط مخاوف من وصول الإخوان إلى الحكم.. بل إن أحد كبار المفكرين الأقباط هدد بالرحيل من مصر في حالة وصولهم للحكم فما رأيك؟

بداية لا نريد لأحد في مصر أن يكون له حق «الفيتو» علي خيارات الشعب المصري فالحقوق الأساسية هي المساواة والمشاركة وعلينا أن ننظر في الالتزام بها.

علي ذكر الإخوان نجد أنها جماعة لها مرشد.. ولها 88 نائبًا بالبرلمان ورغم ذلك تقول الحكومة إنها محظورة قانونًا.. وهو ما يجعلنا نتساءل حول قرار حل الجماعة في الماضي؟

قرار حل الجماعة لم يكن قانونيًا، وقد كتب الدكتور عصمت سيف الدولة مذكرة دفاع في إحدى القضايا تطعن في صحة هذا القرار حتى من الناحية الشكلية فقد أصدره مجلس قيادة الثورة بعد أن كان المجلس نفسه قد تم حله، وبالتالي لم يكن القرار صحيحًا لأنه صدر من جهة غير مختصة.

إذا عدنا للشأن الداخلي، نجد أن عام 2005 شهد حراكًا سياسيًا بدعوي الإصلاح فلماذا تراجع في الوقت الحالي؟

عن أي إصلاح تتحدث.. فالمادة 76 لم تكن إصلاحًا قط إنما هي شكل جديد للسيطرة علي انتخابات الرئاسة بواسطة مرشح فرد.

 

لكن الشارع نفسه شهد حراكًا ومظاهرات عديدة؟

هذا الأمر أتى في مواجهة رفض الدولة للإصلاح وليس العكس.

لكن الدولة لم تكن تتعرض للمظاهرات عكس ما يحدث الآن من قمع وإلقاء القبض علي المئات؟

وما الذي تتصور أن يقوم به نظام اعتاد علي الحكم الاستبدادي، وفيما يتعلق بتهمة إهانة الرئيس التي يتحدثون عنها فعلينا أن نتساءل ما الذي يقوله المتظاهرون أكثر مما تقوله الصحف فهي حجة لإلقاء القبض عليهم، ويبقي أن نقول إن النظام لدينا لم يعتد علي التعامل بشكل استيعابي أو بشكل مرن فيه أخذ ورد.

لكن البعض يري أننا مقبلون علي خريف غضب جديد في ظل زيادة الاعتقالات؟

كل الاحتمالات قائمة سواء في هذا الشأن أو في غيره من الصعب جدًا اليوم توقع ما الذي ستكون عليه السياسات في الأيام المقبلة، ولكن الواضح أن دعاوي الإصلاح الشعبية تقوى وتنتشر بين النخب انتشارًا كبيرًا، وأن هناك قدرًا من التصميم علي إبقاء هذه الدعوة قائمة، وقد اتضح هذا الأمر من خلال أزمات القضاة والمهندسين وأساتذة الجامعات والصحفيين والنخب المثقفة والاجتماعية بمختلف تنظيماتها وتكويناتها، فمن الواضح أن دعوة الإصلاح تعمقت لديها تعمقاً ينبئ بأنها ستبقي مصرة عليها ومتحركة من أجل تحقيقها، وهي دعوة عادلة وصحيحة يجب مناصرتها وبقي علي الدولة أن تقتنع بهذا الأمر قبل أن تحتدم الأوضاع بشكل يزيدها سوءًا.

ولكن لماذا بقيت دعوة الإصلاح لدينا أمرًا نخبويًا؟

دائمًا عندما يبدأ الحراك السياسي يبدأ بالنخب ثم يتحرك الشعب بعدها.

وهل تتوقع حراكًا شعبيًا؟

أتوقع ذلك ما بقيت النخب مستمرة فالنخب دورها ليس قليلاً وليس بسيطًا فمنها تتكون الاتجاهات المختلفة في المجتمع.

انتقدت في كتاباتك عدم وجود جهة يمكنها محاسبة الرئيس.. وقلت إن قبضة الرجل الواحد علي رقبة هذا الجسم ـ مصر ـ لا تمسكه وإنما هي تخنقه وتميته فما هو السبيل لتخفيف هذه القبضة؟

مصر أكثر دولة في هذه المنطقة يمكن أن يقوم فيها حكم مؤسسات غير شخصية تعتمد علي التعددية وعلي القرارات الجماعية فهي أكبر دولة من ناحية أسس التكوينات الإدارية والتنظيمية ومن ناحية الأشخاص الموجودين واتساع نطاق المتعلمين فيها والخبراء في كل التخصصات لكن مشكلتها أن لها قيادة فردية واحدة تمسك برقبتها وتكاد تخنقها وعندما يتاح لهذه التكوينات المؤسسية أن تقوم على ما رسمت نظمها من أجله كتعددية تنظيمية وقرارات جماعية وتوزيع اختصاصات مختلفة فسوف يعاد تركيب وبناء الدولة المصرية وأجهزتها ويعاد تركيب بناء المجتمع المصري في أقل من ثلاث سنوات.

وما الذي نحتاجه لإعادة هذا البناء؟

نحتاج إلى رفع القبضة الفردية عن مصير هذه الأمة.

يبقي أن نسأل عن قضية الساعة وهي التوريث.. هل تعتقد في حدوثه؟

من المتابعة لما يحدث يبدو أن هناك سعيًا إليه ولكن لا أظن أن هذا السعي سيكلل بالنجاح.

لماذا وما هي معوقات حدوثه؟

مصر أعقد من أن يستكمل فيها مشروع بهذا الشكل.. مصر فيها دولة مبنية وبناؤها واسع جدًا ومترامي الأطراف وهذا البناء من الصعب جداً أن تتم هذه العملية في إطاره وحتى إذا تمت وهو احتمال ضعيف سيتم عن طريق الخطأ وسرعان ما سيتم تصحيحه وأتوقع أن يواجهه الشعب والمجتمع في حالة حدوثه.

 


* نشرت جريدة المصري اليوم هذا الحوار تحت عنوان: "المستشار طارق البشري: خطة التوريث ستفشل ..سألناه عن «الإصلاح الممنوع» فقال: عن أي إصلاح تتحدثون؟!"، بتاريخ الخميس الموافق 8 يونيو 2006م. 

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الجمعة, 01 آذار/مارس 2024 05:42

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.