يُعَدّ كتاب أساسيات المعاملات المالية والمصرفية الإسلامية (مؤسسة «دراسات» القطرية، 2016، 234 صفحة) مرجعًا معاصرًا يجمع بين التأصيل الشرعي والممارسة العملية في معاملات البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية. شارك في تأليفه نخبة من العلماء: الدكتور عبد الستار أبو غدة (رئيس هيئة الرقابة الشرعية الموحدة لدلة البركة)، والدكتور وليد بن هادي (رئيس هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لعدد من المؤسسات المالية الإسلامية)، والدكتور سلطان الهاشمي (العميد المساعد للدراسات العليا والبحث العلمي في كلية الشريعة بجامعة قطر)، بإشراف الدكتور محمد أحمين (المراقب والمستشار الشرعي لبنك قطر الوطني).
ينفرد الكتاب بعدة خصائص ميزته عن سائر المؤلفات في فقه المعاملات المالية، أولها الاستيعاب الشامل للعقود المالية والمصرفية ضمن منظومات كبرى (المعاوضات، المشاركات، التبرعات، التوثيقات) من دون إغراق في التفاصيل الفقهية، مما يجعله قريب المأخذ لكل طالب أو عامل. وثانيها التعمق في خصائص كل منظومة وعقد على حدة، حيث يعرض الأحكام التفصيلية لكل فئة وعقد خاص–حتى القديمة منها–مع إبراز ما يميزها في ضوء المستجدات المالية. وثالثها الجمع بين النظرية والتطبيق العملي، إذ يقدم تأصيلًا فقهيًا لكل عقد مستجد، ثم يوضح تطبيقاته المصرفية من حيث ميزاته ومخاطره وكيفية تفاديها، وآلية تنفيذه والمستندات اللازمة، إلى جانب المعالجة المحاسبية ومتطلبات التوظيف. ورابعها سهولة العبارة ووضوح العرض، فقد اعتمد المؤلفون لغة مبسطة، مع ربط الأحكام بأماكنها عبر تكرار مقصود لتكتمل المنظومة لدى القارئ، مع توخي التيسير فتجنبوا توثيق كل قول فقهي بغرض جعل الكتاب في متناول عموم القراء.
يأتي هذا العمل في وقت احتضنت فيه المصارف الإسلامية فقه المعاملات وطرحت قضاياه في مؤتمرات وأبحاث متجددة، لم يكن لها مثيل قبل سبعينيات القرن الماضي، مما يجعل الحاجة ماسّة لإعداد كوادر علمية قادرة على مواكبة تطورات الصناعة المالية الإسلامية. ومن هذا المنطلق، يُعَدّ الكتاب مرجعًا مهمًا للطلاب والباحثين والعاملين في هذا الميدان، إذ يوفر لهم نظرة شاملة ومختصرة على المعاملات المالية المعاصرة، مع الاقتصار على المذهب الراجح وفق قرارات المجامع الفقهية، ويخدم بوضوح متطلبات ممارسي المصارف الإسلامية والمهتمين بفقه المعاملات على السواء.
مضامين وتقسيمات الكتاب:
يتضمن الكتاب ثلاثة فصول رئيسية تغطي جوانب المعاملات المالية والمصرفية الإسلامية بشكل شامل ومنهجي:
الفصل الأول: أسباب النهي في المعاملات المالية
يتناول الفصل الأول أسباب النهي في المعاملات المالية، وقد تم تقسيمه إلى أربعة مباحث أساسية. المبحث الأول يركز على أسباب النهي المتعلقة بالربا، ويشمل ربا الديون، وربا البيوع، وبيع الكالئ بالكالئ [أي بيع الدَين بالدَين، أو بيع الأجل بالأجل]، وبيعتين في بيعة، وبيع العينة.
المبحث الثاني يتناول أسباب النهي المتعلقة بالميسر، ويشمل القمار، والغرر، وبيع ما ليس عندك، والبيع قبل القبض وبيع الثمار قبل بدو صلاحها. أما المبحث الثالث فيركز على أسباب النهي المتعلقة بالغش، مثل التدليس، والغبن، والنجش والبيع على بيع الغير والسوم على سوم الغير، وبيع المعيب مع إخفاء عيبه والجهالة والرشوة والمماطلة والتفليس الكيدي. ويختتم الفصل بالمبحث الرابع الذي يتناول أسباب نهي أخرى كبيع المحرمات ووسائلها، والاحتكار.
الفصل الثاني: خصائص العقود المالية في الفقه الإسلامي
يعالج الفصل الثاني خصائص العقود المالية في الفقه الإسلامي. يتضمن الفصل تمهيدًا في تعريف العقد وأحواله، ومبحثين رئيسيين. المبحث الأول يتناول خصائص العقود إجمالًا، أي باعتبارها منظومات فقهية، ويتم الحديث فيه عن خصائص التبرعات والتوثيقات، والشركات والمعاوضات.
المبحث الثاني يتناول خصائص العقود تفصيلًا، ويتضمن أربعة مطالب رئيسية. المطلب الأول يركز على خصائص عقود التبرعات، وهي: الوديعة بلا أجر، والوكالة بلا أجر، والهبة والإعارة، والوصية والوقف والإرصاد واللقطة، والقرض. المطلب الثاني يتناول خصائص عقود التوثيقات وهي: الرهن، والكتابة والإشهاد والكفالة، والحوالة.
المطلب الثالث يدرس خصائص عقود الشركات وهي: العنان، والمفاوضة والمزارعة، والمغارسة، والمساقاة والمضاربة، والوجوه، والأبدان. أما المطلب الرابع فيتناول خصائص عقود المعاوضات وهي: البيع، والصرف والسلم، والاستصناع، والإجارة والجعالة والمسابقة، والقسمة، والشفعة، والصلح، والغصب والحجر، وإحياء الموات.
الفصل الثالث: خصائص العقود المالية المستجدة
يبحث الفصل الثالث خصائص العقود المالية المستجدة، ويتضمن تمهيدًا في تعريف البنوك ونشأتها وأنواع أعمالها، وأربعة مباحث رئيسية.
المبحث الأول يتناول المعاوضات المستجدة وتخريجها وخصائصها. وقد تم تقسيم المعاوضات المستجدة إلى مطلبين: الأول في البيوع المستجدة، واشتمل على المرابحة المصرفية، والتورق المصرفي أو المنظم، والاستصناع والاستصناع الموازي والاستصناع المعكوس والسلم والسلم الموازي والتوريد والتمويل المجمع، والصرف الأجنبي والمتاجرة في العملات. والثاني في الإجارات المستجدة، واشتمل على الإجارة التشغيلية والإجارة المعينة المنتهية بالتمليك والإجارة الموصوفة في الذمة المنتهية بالتمليك، وإجارة الخدمات (الأشخاص)، والوكالة بالاستثمار، وعقد التمليك الزمني، وحق الانتفاع.
المبحث الثاني خُصص للمشاركات المستجدة، واشتمل على الشركات الحديثة والمشاركة المنتهية بالتمليك والمضاربة، وتمويل رأس المال العامل والصكوك والصناديق الاستثمارية، والتمويل المجمع والودائع الاستثمارية. أما المبحث الثالث فخُصص للتوثيقات المستجدة، واشتمل على خطاب الضمان، والاعتماد المستندي، والقبول المصرفي، والاعتماد البسيط والتأمين التكافلي، وحوالة الحق، والحوالة المصرفية. ويختتم الفصل بالمبحث الرابع الذي كان في التبرعات المستجدة واشتمل على الحسابات الجارية، والجوائز والاحتياطيات والمخصصات وبطاقة الائتمان والشرط الجزائي.
لتحميل ملف الكتاب
* محمد أحمين وآخرون، أساسيات المعاملات المالية والمصرفية الإسلامية، دار الأمان للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الرباط، 2015.