قدم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نص "الميثاق الوطني" إلى المؤتمر الوطني للقوي الشعبية بتاريخ 21 مايو 1962 باعتباره دليل عمل لمرحلة ما بعد انفراط عقد الوحدة السورية المصرية في سبتمبر 1961، وقد أسفرت مناقشات هذا المؤتمر عن إنشاء تنظيم سياسي جديد باسم (الاتحاد الاشتراكي العربي) ثم وضع دستور جديد سمي بالدستور الدائم عام 1964.
وكان المؤتمر قد شهد مناقشات حامية وجادة شارك فيها الرئيس المصري جمال عبد الناصر بنفسه، وجلس على يمينه السيد محمد أنور السادات بصفته أمينًا عامًا للمؤتمر، وعلى يساره عضو مجلس قيادة الثورة كمال الدين حسين، ومن ضمن هذه النقاشات كان النقاش بين الشيخ محمد الغزالي والرئيس جمال عبد الناصر في جلسة 28 مايو 1962، حيث كان الغزالي قد طلب التعقيب على ما ذكرته الدكتورة حكمت أبو زيد [والتي أصبحت -بعد هذا المؤتمر بشهور- أول امرأة تتولى الوزارة في مصر، عندما اختارها الرئيس عبد الناصر وزيرة للشئون الاجتماعية في 25 سبتمبر 1962]، بخصوص دور المرأة في المجتمع، حيث عقب الرئيس جمال عبد الناصر بدوره على تعقيب الشيخ محمد الغزالي.
ومن الأفكار الأساسية التي قدمها الشيخ محمد الغزالي في مداخلته:
- المساواة الطبيعية والعادلة بين الرجل والمرأة: حيث ذكر الغزالي أن الإسلام يدعو إلى مساواة عادلة بين الرجل والمرأة، تعتمد على الفروق الطبيعية بين الجنسين، وليس مساواة مطلقة وظالمة. فالرجل له دور القوامة بسبب قدراته الجسدية ودوره في الإنفاق، بينما المرأة لها أدوار تناسب طبيعتها مثل الأمومة والإشراف على البيت.
- رفض التصور الخاطئ للمساواة: فقد أشار الغزالي إلى أن الدعوة للمساواة المطلقة بين الجنسين قد تكون ظالمة، خاصة في الأدوار التي لا تناسب النساء، مثل الإرهاق الجسدي الذي يتحمله الرجال في العمل.
- اللباس والفتنة: شدد الغزالي على أن اللباس الشرعي للمرأة هو جزء من حماية المجتمع من الفتنة، وأشار إلى أن الخروج عن هذه القواعد قد يؤدي إلى إفساد المجتمع.
- موقف الإسلام من دور المرأة: ذهب الغزالي إلى أن الإسلام قد حدد بشكل واضح مكانة المرأة وحقوقها، داعيًا إلى احترام هذه الأدوار وعدم الانجرار وراء المفاهيم الغربية التي قد تتجاهل الفروق بين الجنسين.
الأفكار الأساسية التي قدمها جمال عبد الناصر في تعقيبه:
- المساواة في إطار العقيدة: حيث أكد عبد الناصر على أن المساواة المنصوص عليها في الميثاق الوطني هي مساواة في إطار العقيدة الدينية، مشددًا على ضرورة أن تكون المساواة ضمن إطار القيم الإسلامية.
- مسؤولية الرجال في ضبط المجتمع: أوضح عبد الناصر أن الرجال هم المسؤولون عن ترك النساء يتبعن الموضات غير المحتشمة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للحكومة فرض هذه الأمور بالقوة، بل يجب أن تكون نابعة من داخل الأسرة.
- رفض فرض الحجاب الإجباري: روي عبد الناصر في تعقيبه واقعة حدثت معه شخصيًا حين طلب منه مرشد جماعة الإخوان المسلمين فرض الحجاب على النساء في مصر، فرد عليه عبد الناصر –حسب قوله- باستحالة تنفيذ مثل هذا المطلب على مستوى المجتمع، خاصة وأن المرشد نفسه لم يكن ملتزمًا بهذا المطلب في بيته مع ابنته، حيث كانت غير محجبة!
- أهمية العمل للمرأة: ذهب عبد الناصر إلى أن العمل هو وسيلة لحماية المرأة من الوقوع في الزلل والحاجة، وأنه يجب زيادة فرص العمل للنساء والشباب على حد سواء لبناء مجتمع سليم ومستقر.
وبذلك يكون كل من الغزالي وعبد الناصر قد أقرا بأهمية دور المرأة في المجتمع، ولكن ضمن حدود معينة تتفق مع الشريعة الإسلامية.
رابط للحوار على قناة موقعنا
رابط لتحميل الميثاق محل النقاش في المؤتمر