أدلى العلامَّة الأستاذ الدكتور سليمان الطماوي بشهادته على العصر في مقابلة نادرة عام ١٩٨٨م من خلال إحدى حلقات البرنامج الإذاعي الشهير "شاهد على العصر"، والذي كان يقدمه الإعلامي والشاعر عمر بطيشة عبر إذاعة «البرنامج العام» بالقاهرة.
والاستاذ الدكتور سليمان محمد سليمان الطماوي فقيه دستوري وقانوني كبير، من مواليد مركز طما بسوهاج عام 1921م، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا عام 1949م، ثم عمل مدرسًا للقانون بجامعة الإسكندرية عام 1949م، ثم استاذًا للقانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس عام 1953م. وفي الفترة من عام 1973م حتى عام 1981م تولى الطماوي منصب عمادة كلية الحقوق بجامعة عين شمس، ثم أستاذًا متفرغًا حتى عام 1996م، كما عُين في الفترة من عام 1980 حتى عام 1995م عضوًا لمجلس الشورى ثم عضوًا للمجالس القومية المتخصصة.
وللدكتور الطماوي العديد من المؤلفات في القانون الدستوري والإداري، أبرزها كتابه «السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي- دراسة مقارنة»، وكتابه «عمر بن الخطاب وأصول السياسة والإدارة الحديثة- دراسة مقارنة»، كما أشرف على العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير. حصل على وسام الجمهورية في العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وعلى جائزه الرسائل من كلية الحقوق في باريس، وجائزة الدولة في القانون عامي 1951 وعام 1956 لأفضل مؤلف في القانون الإداري.
ومما ذكره الدكتور سليمان الطماوي في شهادته على العصر:
- ثورة يوليو 1952م ليست انقلابًا كما يعتقد البعض، ولكنها تعد ثورة بالمعنى العلمي والقانوني، وأنه -بسبب رأيه هذا- اتُهم بمجاملته للحكومة آنذاك، ولكنه يرى أن الحقائق العلمية تفرض نفسها.
- سقوط الوحدة بين مصر وسوريا تعد نقطة تحول شديدة في تاريخ مصر، وبسقوط تلك الوحدة كان يجب على مصر أن تسقط العمل بدستور الوحدة "دستور 1958م"، ولكنه لم يسقط لتشبث عبد الناصر به، وتشبثه أيضًا باسم الجمهورية العربية المتحدة، ولكن تم الاعتراف بالواقع، وتم إلغاء دستور 1958م، ثم تم وضع دستور 1964م، وهو دستور مؤقت، والذي ظل العمل به حتى رحيل عبد الناصر، ومجيء السادات، حيث وضع دستور 1971م.
- دستور عام 1971م ليس هو أول دستور دائم كما يعتقد البعض، ولكن دستور 1956م هو أول دستور دائم.
- أذكر للتاريخ أنني كنت من أشرت وحرصت على إضافة الألف واللام -عند مناقشة مشروع مواد الدستور- إلى نص المادة الثانية لدستور 1971م (والتي كانت تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية «مصدر رئيسي للتشريع»، ولكن لم تلق هذه الملاحظة صدى لدى من ناقشوا مواد المشروع، ثم صدر الدستور وخلت المادة الثانية من الألف واللام، ولكن عندما تم تعديل الدستور عام 1980م تم الرجوع لما اقترحته أثناء مناقشة المشروع، وأصبحت المادة الثانية تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي «المصدر الرئيسي للتشريع».
- الصحافة ليست سلطة كما يُقال، فالسلطات ثلاثة فقط هي السلطة التنفيذية، وهي سلطة لأنها تصدر أمرًا ملزمًا، والسلطة التشريعية لأنها سلطة في سن قوانين وتشريعات ملزمة، والسلطة القضائية كذلك سلطة باعتبارها تصدر أحكامًا ملزمة، وأما الصحافة فلا تستطيع أن تفرض رأيًا، فهي ليست سلطة كما يعتقد البعض.
رابط مباشر للحلقة على قناتنا: حوارات الشريعة والقانون