ندوة تطور العلوم الفقهية

 

 نظمت ندوة "تطور العلوم الفقهية" من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لسلطنة عمان في نسختها الخامسة عشرة تحت عنوان "فقه الماء في الشريعة الإسلامية أحكامه الشرعية وآفاقه الحضارية وقضاياه المعاصرة"، وذلك خلال الفترة من الأول وحتى الثالث من شهر ديسمبر من العام 2019م.

وعُقدت الندوة بمشاركة حوالي 55 باحثًا من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى علماء وباحثين ومهتمين من طلاب العلم من مختلف الحقول العلمية في السلطنة.

وتم تنظيم هذه الندوة الفقهية والعلمية بمباركة سامية من جانب السلطان قابوس بن سعيد –رحمه الله-؛ حيث هدفت الندوة إلى خدمة الإنسانية وجمع الكلمة وتوحيد الصف لما فيه خير العالم أجمع.

واشتملت الندوة على ثمانية محاور على النحو التالي:

  • المحور الأول: الأصول الشرعية لفقه الماء.
  • المحور الثاني: الأنظمة الإسلامية في فقه الماء.
  • المحور الثالث: قضايا الماء في الفقه الإسلامي.
  • المحور الرابع: فتاوى الماء في الفقه الإسلامي.
  • المحور الخامس: فقه الماء في تطبيقات التراث الإسلامي.
  • المحور السادس: قراءات معاصرة في فقه الماء المعاصر.
  • المحور السابع: فقه الماء والصراعات المعاصرة.
  • المحور الثامن: أحكام البحر في الفقه الإسلامي.

وافتتحت الندوة تحت رعاية معالي الدكتور عبدالله بن محمد السعيدي وزير الشؤون القانونية بحضور سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة وعدد من المسؤولين والمهتمين في هذا الجانب.

وقد تضمن برنامج الندوة عددًا من الكلمات، بدأها سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة بكلمة افتتاحية قال فيها: إن قضية الماء قضية مهمة لأنه روح الحياة ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾، فالله سبحانه وتعالى امتن بهذا الماء فيما أنزله من كتابه، امتن بإنزاله وامتن بحفظه، ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾، فالله سبحانه وتعالى لو شاء لما أمسكت الأرض الماء ويمكن أن تتصدع أو يتبخر هذا الماء، فتتصدع الأرض ولا يستطيع أحد من البشر أن يمسكه من أعماقه الغائرة ولو يتبخر لما بقي شيء منه للبشر، ولكن الله امتن علينا بهذا الماء ليكون روحًا لنا في هذه الحياة.

موضحًا سماحته بأنه كان من الواجب أن تشكر هذه النعمة أيما شكر لأن الله تعالى أوجب على عباده شكر نعمه، ومن لم يشكر نعمة الله فقد كفرها ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ فلذلك وجب أن يحافظ على هذا الخير الكثير الذي منَّ الله سبحانه وتعالى به على عباده، ومن خلال هذه المحافظة يحرص الناس جميعًا على عدم الإسراف في الماء، فكل شيء يجب أن يتوسط به بين طرفين (الإفراط والتفريط) وبهذا التوسط تبقى النعم، كما هي ويكون ذلك شكرًا لهذه النعمة التي أنعمها الله سبحانه وتعالى على عباده، مشيرًا سماحته إلى أنه والحمد لله فإن باب الاجتهاد لم يُغلق في أي وقت من الأوقات، ويجب أن يبقى باب الاجتهاد مفتوحًا، إذ لو أغلق باب الاجتهاد لوقع الناس في مشكلات عظيمة، إذ الحياة تتطور باستمرار وتحتاج في كل عصر إلى نظر جديد يقوم به العلماء الربانيون المتضلعون في الفقه الإسلامي الواسع ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾.

كما ألقى سماحة الشيخ شوقي علّام مفتي جمهورية مصر العربية كلمة في افتتاح الندوة، وقدم بعدها عرض مرئي عن (الماء) وأهميته وكيفية المحافظة عليه من جميع الجوانب الشرعية والحياتية، بعد ذلك ألقى سماحة الشيخ آية الله أحمد مبلغي من علماء حوزة قم بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعدها كلمة لسماحة الشيخ راوي عين الدين رئيس مجلس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية.

وأخيرًا ألقى الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن سليمان السالمي رئيس اللجنة المنظمة للندوة كلمة الوزارة، موضحًا: ونحن في هذا المؤتمر الذي يمثل حلقة في ندوة تطور العلوم الفقهية، وهي السلسلة التي امتدت عبر قرابة العقدين، وصارت موسمًا علميًّا ينتظره فقهاء العالم من كل أقطابه، ومجمعًا فقهيًّا للتلاقي والحوار، وموضوعها هذا العام موضوع جديد قديم، قديم لأنه جانب من جوانب الفقه الإسلامي في إدراكاته وأبعاده المختلفة، وهو جديد بسبب تطور الاهتمامات والتوظيفات، وعلى سبيل المثال لدينا هذه الصلة الوثيقة والجديدة بين مياه البحار ومياه اليابسة وذلك من طريق التحلية، ولدينا من الجديد التأملات المستحدثة لعلائق المياه بالمقاصد الشرعية، ولدينا أخيرًا المعالجات المتجددة لنوازل المشكلات في ندرة المياه والاختلال المناخي والتصحر، ومباحث أخلاقية تُلزم الفقيه بإبداء الرأي وتوضيح رؤيته للكون وفضاءاته وأبعاده.

جلسات الندوة:

  • الجلسة الأولى: "الأنظمة الإسلامية في فقه الماء"، وقد أدار الجلسة الشيخ الدكتور المكرم عبد الله بن راشد السيابي عضو مجلس الدولة، وتحدث في الجلسة كلٌّ من: الدكتور إدريس الفاسي، والدكتور داؤود بورقيبة، والدكتور رضوان السيد، ومحمد بن سيف الشعيلي، وفارس مسدور، بعدها دارت مناقشات بين الباحثين والحضور.
  • الجلسة الثانية تناولت محور (الأصول الشرعية لفقه الماء)، والتي أدارها سماحة الشيخ راوي عين الدين ـ مفتي روسيا، وتحدث فيها كل من: سماحة الشيخ الأستاذ الدكتور شوقي علاّم ـ مفتى جمهورية مصر العربية، وسماحة الشيخ محمد رفيع عثماني، ومعالي الدكتور أحمد العبادي، والشيخ أفلح بن أحمد الخليلي، وسماحة الشيخ أحمد مبلغي، وسماحة الشيخ الدكتور أبوبكر أحمد، وفضيلة السيخ الدكتور محمد زيتون، بعدها دارت مناقشات بين الباحثين والحضور.
  • الجلسة الثالثة فكانت حول محور "الأنظمة الإسلامية في فقه الماء)، وقد أدار الجلسة سماحة الشيخ عزيز حسانوفيتش ـ مفتي كرواتيا ورئيس المشيخة الإسلامية، وتحدث في الجلسة كلٌّ من: الدكتور محمد الغاربي، والدكتور مصطفى باجو، والدكتور محمد حسن البغا، والدكتور محمد فايز حسين، والدكتور سعيد بنسعيد العلوي.
  • الجلستان (الرابعة والخامسة) حول محور (قضايا الماء في الفقه الإسلامي).
  • الجلسة السادسة تدور حول محور (فتاوى الماء في الفقه الإسلامي).
  • الجلستان (السابعة والثامنة) وتتحدثان عن محور "فقه الماء في مكتبة التراث الإسلامي"
  • في اليوم الأخير عُقدت (6) جلسات (صباحية ومسائية) من خلال ثلاثة محاور وهي: "قراءات في الفقه المعاصر"، و"فقه الماء والصراعات المعاصرة"، و"أحكام البحر في الفقه الإسلامي".

توصيات الندوة:

  • الدعوة إلى إحياء الوظيفة الإنسانية السامية التي نبه إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار)، فالمياه يجب أن تكون سببًا للتعاون الإنساني ودفعًا إلى إقامة جسور المودة والتراحم الإنساني.
  • ضرورة استثمار التراث الفقهي في صياغة الفتاوى المعاصرة التي يتحقق من خلالها تكوين وعي المجتمع بمسؤوليته الدينية في المحافظة على نعمة المياه، وتحسين الكفاءة المجتمعية في استعمال المياه، والحدّ من استنزاف الموارد المائية، والتصدي لظاهرة تلويث المياه، وتحقيق العدالة الاجتماعية في التوزيع الأمثل للمياه، وضمان حقوق الأفراد والمجتمعات فيها.
  • ضرورة تضافر الجهود بين العلماء والجهات المختصة وذوي الخبرة لإعمال العقل الاجتهادي لاستنباط الأحكام الشرعية التي تضمن ديمومة هذه الثروة وبقاءها والمحافظة عليها من التلوث، واستنباط ضوابط شرعية وقانونية تحفز الشراكة بين المواطن والقائمين على حفظها باعتبارها ثروة وطنية.
  • ضرورة السعي إلى تطوير التشريع القانوني لعقود الإيجار والانتفاع التي يكون موضوعها الشراكة في العمل بالأبدان والأذهان، مثل المساقاة والمزارعة والمغارسة وغيرها بين الأفراد والمؤسسات الحكومية والشركات والأوقاف، بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والزراعية للمجتمعات ويلبي متطلبات الأفراد والمؤسسات ماليًا ومعيشيًا، ومثاله الحي: مشروع زراعة مليون نخلة الذي جاء بمباركة سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه -.
  • إن الأحكام المتعلقة بالمياه في الفقه الإسلامي كثيرة ومتفرقة في كتب التراث وتمثل ثروة فقهية يتطلب جمعها وترتيبها من خلال مشروع موسوعي يكون نواة لإعمال العقل الاجتهادي للحفاظ على هذه الثروة المهمة، والتصدي للقضايا والمشاكل المائية الكبرى التي تواجه المجتمعات الإنسانية اليوم.
  • أن الماء نعمة إلهية وهبة ربانية، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾، وشكرها بالمحافظة عليها وعدم إهدارها، وصون مصادرها ووسائلها، وحمايتها من كل ما من شأنه الإضرار بها، والإبقاء ما أمكن على إباحتها باعتبارها شركة إنسانية.
  • ضرورة الحفاظ على إرْث الأفلاج الحضاري والعناية به ماديًا ومعنويًا، وتوعية الأجيال بمنهج الأوائل في تقسيم مياهها وقياساتها وطرق بنائها وشق قنواتها وسبل ديمومتها، والثقافة القانونية حولها، وغرس ذلك كله في المقررات الدراسية حتى يرتبط الجيل الصاعد بدينه، وتتوثق عراه بأرضه وتراثه الحضاري في مجال المياه.
  • ضرورة إحياء محاكم المياه المعمول بها في سابق الأزمان من خلال استحداث مواد قانونية، وإضفاء صفة رفع الدعوى لمنظمات المجتمع المدني حال التعدي على المصادر المائية، وتخصيص أقسام بالمحاكم لدعاوى المياه وطرق فض المنازعات في هذا المجال إلى غير ذلك.
  • أهميّة متابعة النتائج العلمية لهذه الندوة المباركة في المعاهد والجامعات العلمية الإسلامية، وتوسيع نطاق الدراسات المتعلقة بالمياه في إطار ثلاثة فروع أساسية، وهي: إشكاليات الماء وأخلاقيات الماء وفقه الماء.
  • أهمية دراسة القضايا المائية المعاصرة المتعلقة بتوزيع حصص الدول من الأنهار، والحفاظ على مياه البحار، ومعالجة مياه الصرف الصحي، ودور الشركات الصناعية في التقليل من الآثار السلبية لغازات المصانع، والمحافظة على المخزون المائي، وقضايا الاستمطار الصناعي، وغيرها من قضايا العصر التي تثار في المجتمع الإنساني اليوم.

 

رابط مباشر للجلسة الافتتاحية للندوة على قناتنا: حوارات الشريعة والقانون

 


المصادر:

  • جريدة الوطن العمانية: ندوة تطور العلوم الفقهية فـي عمان «الخامسة عشرة» تبدأ أعمالها حول فقه الماء فـي الشريعة الإسلامية، 2 ديسمبر 2019م، https://alwatan.om/details/361989 (تاريخ الدخول الأحد الموافق 25 فبراير 2024م).
  • وزارة الأوقات والشئون الدينية سلطنة عمان، https://nadwa.mara.gov.om/media-center/news/ (تاريخ الدخول الأحد الموافق 25 فبراير 2024م).
  • وكالة الأنباء العمانية: اختتام أعمال ندوة تطور العلوم الفقهية/ فقه الماء، مسقط في 3 ديسمبر 2019م، https://omannews.gov.om/topics/ar/112/show/375530 (تاريخ الدخول الأحد الموافق 25 فبراير 2024م).
Rate this item
(0 votes)
Last modified on الإثنين, 26 شباط/فبراير 2024 15:23

Leave a comment

Make sure you enter all the required information, indicated by an asterisk (*). HTML code is not allowed.